وطن الإعلامية – الخميس 13-3-2025م:
في وقتٍ تحتاج فيه الجزيرة إلى تضافر الجهود، يختار البعض أن يكون معول هدمٍ بدلاً من أن يكون لبنة بناء ،كلما ظهرت بارقة أملٍ في هذه الأرض المنهكة، تجد من يسارع إلى إطفائها ،كلما حاول أحدهم النهوض بإصلاح ما خرّبه الخراب، وجد من يثبّط عزيمته وينتقده بغير علم ولا دراية بحجم المشقة التي يتحملها، أو الأموال التي تُنفق لاستعادة ما دمرته الأيادي العابثة .
قبل شهرين فقط، كان الجوع يحاصر الجميع، والموت منهجاً يومياً تتجدد فصوله. نزح أهل القرى تاركين خلفهم كل ما يملكون، وعندما عادوا، لم يجدوا إلا الخراب ومع ذلك، بدلاً من الانشغال بالبناء، اختار البعض أن يغرقوا في دوامة الكيد والتناحر والطعن في الشخصيات والجهات، حتى أن بعضهم لم يتورع عن مهاجمة الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الشرطة، رغم أنها تعمل في ظروف قاسية بلا إمكانيات، بلا مركبات، بلا دعم، ضباطها يستقلون المواصلات العامة ويدفعون أجرة تنقلهم من جيوبهم، بينما مكاتبهم خالية إلا من أطلال أثاث نهبته أيادي التخريب
وهل حال كبار موظفي الدولة في الجزيرة أفضل؟ لا، فهم يعانون مثل غيرهم، يتعايشون مع هذا الواقع المفروض علينا جميعاً. فما الحل؟ الحل ليس في نشر الإحباط والقدح والتجريح، بل في أن نبحث عن طريق الخلاص ونبني عليه ، يجب أن تتحول منشوراتنا إلى صوتٍ إيجابي، يُرشد الناس إلى خطوات النهوض بدلاً من إغراقهم في ظلام اليأس
ما حدث في الكهرباء والمياه من خراب حجمُه هائل، ولكن هناك أبطالٌ يعملون ليل نهار، صائمين، لا توقفهم المشقة ولا يثنيهم قلة الإمكانيات، فأين كلمات الامتنان لهم؟ لماذا لا نرفعهم قدوةً ونشجعهم بدلاً من أن ننشغل بجلد الذات؟ هذه الولاية تحتاج إلى من يقف معها، لا من يقف ضدها، تحتاج إلى من يوحد صفها، لا من يمزق نسيجها
ليس هناك عصا موسى، وليس للحكومة قدرةٌ على إحداث معجزةٍ بين ليلة وضحاها. لكنها تجتهد، وعلينا نحن أيضاً أن نجتهد، الجزيرة اليوم ليست كما كانت بالأمس، لكن بوعينا وتكاتفنا يمكن أن نجعل الغد أفضل من اليوم
إني من منصتي اري …. أن تتركوا الجدل العقيم، وتذكروا أن الأوطان لا تبنى بالنقد الهدّام ، بل بالعمل والإخلاص، من أراد الإصلاح فليلتحق بصفوف العاملين، ومن لم يستطع، فليكن سنداً وداعماً لا معرقلاً ومثبطاً، المستقبل لنا جميعاً، فلنصنعه معاً، ولنتذكر أن اليد الواحدة لا تصفق، ولكنها حين تمتد للمصافحة، تصنع ألف صداقة وتحقق ألف إنجاز.