وطن الإعلامية – الجمعة 20-9-2024م:
“جولات مفضل شملت فرنسا وإيطاليا، وخمس دول عربية، وتجاوب سعودي مع المتغيرات!”
بالرغم من الفظاعات في حرب السودان هنالك جهود سياسية ودبلوماسية يكشف عنها لأول مره لحشد الرأي العام في المجتمع الدولي لصالح إيقاف الحرب في السودان وإستعاده السلم والأمن في المنطقة، وكل ذلك بالوصفة السليمة لإنهاء المرض وليس على طريقة “وداوني بالتي كان هي الداء” التي تتبناها جهات تزداد عزلتها كل يوم.
هذه المره، الجهود لا يقودها السياسيون وموظفو الأمم المتحدة، وإنما هي حركة واسعة في المجتمع الاستخباري الدولي، وتحديدا الشخصية التي تقودها هي الفريق أحمد ابراهيم مفضل مدير المخابرات العامة الذي زار فرنسا وإيطاليا وخمس دول عربية.
بينما يتألم الضمير الإنساني الدولي ويتابع الناس بقلق محاولات مليشا الدعم السريع لدخول مدينه الفاشر وقصفها الوحشي للمواطنين في المدينة، ويعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلنكن رفضه لدخول المليشيا للفاشر ولكن الخوف في أوربا هو على أوربا ذاتها وليس السودان فقط. تحديدا الأجهزة الإستخبارية الأوربية تعتقد أن الحرب في السودان كارثة أمنية كبيرة وآثارها مرتبطة بإحكام بملف الهجرة غير النظامية وتحديدا بالجانب الأمني في الملف وليس الإنساني والإقتصادي. ينظر السياسيون للهجرة من زاوية زيادة عدد المهاجرين نحو أوربا وتأثيرهم على فرص العمل وقيم المجتمعات الأوربية، ولكن الأجهزة الإستخبارية رصدت بدقة أن هذه الهجرة تحدث من مناطق تشهد إنتشار الإرهاب والعنف والجماعات المسلحة والمليشيات ولذلك فإنه من بين كل مجموعة من المهاجرين من المؤكد هنالك عناصر من الجماعات الإرهابية والميلشيا قد وصلت أوربا فعليا. نعم صحيح، المهاجرون هم ضحايا الصراعات، ولكن مع زيادة أعدادهم وتفاقم الصراعات في مناطقهم تزداد نسبة العناصر الإجرامية والإرهابية والمنتمية لمليشيات خطيرة ومتهمة بالإبادة الجماعية بين المهاجرين إلى أوربا. مثل هذا الخطر الداهم لا يمكن أن يشترى الصمت عليه بسبب علاقات بعض المسئولين الانتهازيين مع دولة داعمة للمليشا لأنه قضية أمن قومي للدول الأوربية وليس مجرد صراع في دولة في أفريقيا.
تقول التقارير الأوربية، كان السودان يشكل منطقة جاذبة للمهاجرين الإقتصاديين بسبب المشاريع الزراعية الضخمة، وكان يستوعب أعدادا من المهاجرين الأفارقة بالذات في فترة الإزدهار البترولي والتوسع الزراعي، وكان السودان دولة قادرة أمنيا على تأمين الحدود ومحاربة عصابات الإتجار بالبشر التي تعتمد بصورة أسياسية على الهجرة غير النظامية. مع الحرب، هذه كله بدأ في التلاشي ولذلك لا بد من إستعادة سيطرة الدولة السودانية على كل أراضي السودان.
إجتماعات الرأس الإستخباري عالية المستوى في فرنسا شملت المخابرات ووزارة الخارجية الفرنسية وروجعت كل الملفات بحضور السفير السودان في باريس خالد فرح وشهدت ضرورة الإتفاق على حل لإيقاف الحرب وإحلال السلام بغرض تأمين المنطقة، أما اللقاء في إيطاليا فقد كان التركيز فيه مع المخابرات على الملف الأخطر وهو انفجار الإرهاب والتأثيرات المحتملة على أوربا. اللقاءات في فرنسا كانت تحولا كبيرا وليست مجرد جلسات إستماع قصيرة، بل هنالك رغبة في الدخول في برنامج عمل مشترك حيث يقول المصدر السوداني انهم اندهشوا من متابعه فرنسا وقلقها الشديد على الشان السوداني ورغبتها في اتخاذ مواقف جديده لصالح الامن والسلم في المنطقة وتحديدا التأكيد على التعاون بين المخابرات الفرنسية والسودانية.
في جانب العلاقات الأمريكية السودانية، تمت إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد مفاوضات طويلة مع واشنطون بدأت في نظام البشير واستمرت بعده لتكتمل خطوات الإزالة في العام 2020 والرئيس ترمب يخوض الإنتخابات الرئاسية. الغريب في الأمر أن التعاون الأمريكي السوداني في مكافحة الإرهاب سابق لقرار الإزالة من القائمة بقرابة العشرين سنة ولكن سبب تأخير القرار كان هو تعثر العلاقات السياسية وليس الأمنية.
اعتاد الناس على المفاوضات السياسيه ولكن هذه المره يوجد توجه واقعي وبراغماتي لإحلال السلام في السودان والمدخل هذه المرة هوالحل الأمني و التقارب بين أجهزه المخابرات الغربيه والعربيه من جهه والسودان من جهه اخرى للتوصل الى حل يضمن وحدة وإستقرار السودان.
بدلا من انزلاق المنطقة في الفوضى الشامله، الأفضل هو منح مساحة تفويض أكبر للمجتمع الإستخباري والأمني الدولي للتعاون مع السودان لإيقاف الحرب ومحاصرة المليشيات غير القانونية، فالمنطقة لا تتحمل المزيد من المساومات السياسية مع دول لديها طموح في السيطرة على السودان، يجب التحرك حيث توجد حرب في اثيوبيا وصراعات في افريقيا الوسطى وفي كل دول المنطقه ولذلك إذا لم يحدث الحل ستنزلق المنطقة كلها في هاويه سحيقه من الصراعات.
جولة الفريق مفضل في الاقليم شملت السعوديه ومصر، وهي دول لها علاقه مباشره بالشأن السوداني حيث كان هنالك استقبال مهم وتفهم عالي المستوى في السعودية، وهذا يؤكد ملامح التحول. أما مصر ذات الموقف الثابت من السلام في السودان فهي قبل الزياره الأمور على ما يرام، وهنالك تقارب سوداني مصري كبير والمعلن فيه أقل من الحقيقي بكثير. ايضا شملت الجوله الجزائر (وهي ممثل أفريقيا في مجلس الأمن)، والعراق وليبيا. الجزائر الان هي لاعب كبير في المنطقه ودولة ذات إقتصاد قوي وتسليح عالي.
رساله الفريق مفضل في كل زياراته كانت واقعية ومنطقية ولم تكن بعيدة من المجتمع الغربي فقد كانت مطابقه لحديث المبعوث الامريكي توم بريليو والذي قال بكل صراحه ووضوح انه لا مستقبل سياسي ولا عسكري لمليشيا الدعم السريع وانما المستقبل للجيش السوداني، ولكن يبدو أن ما تقوله أمريكا بلسانها تطبقه أوربا على أرض الواقع.
هنالك دول أخرى شملتها الزيارة أو تم التواصل معها في دول وسيطة، تفضل المصادر حجبها ولكن الاحداث ستكشف أن مقدار التحول اكبر من القائمة أعلاه.