وطن الإعلامية – السبت 7-12-2024م:
ارتكب نظام “محمد ديبي” في تشاد بسماحه للامارات استخدامه “بيدقاً” في التنكيل بالشعب السوداني خطأ استراتيجياً مكلفاً لا يمكن معالجته بسهولة، أو قريباً؛ حيث أصبحت “تشاد” مقراً عسكرياً لمليشيات “الامارات” في عدوانها على السودان .
خطأ الرئيس “محمد ديبي” الاستراتيجي أنه حرص على حماية صورته الدعائية أكثر من منافع بلاده التاريخية و السياسية، وبالتالي سدد لنفسه ضربة لم يستطع الخصوم تسديدها لنظام “آل ديبي” منذ ايام حكم ابيه “ادريس” وذلك بتمكين منافسي اسرته التاريخيين من مفاصل القرار في دولته، والسعي لتمكين امتداداتهم العشائرية من السودان .
هل تمتلك العلاقات السودانية_التشادية فرصة جديدة وسط تقاطع الأحداث والتحولات الداخلية والخارجية المتسارعة؟، دعم نظام “كاكا ديبي” لمليشيات “حميدتي” جعل الطريق الى عودة الوئام بين الدولتين معبداً بالاشواك ، وتجاوز السياقات المؤدية إلى استمرار الصراع والاصطفاف امراً شبه مستحيل .
كان هناك فرصة للتراجع ، ولكن عندما تخيل الرئيس “محمد ديبي” إن بموالاته “الامارات” ، سيحفر مكانه في التاريخ التشادي والاقليمي ، بصفته قائداً أنهى حقبة النفوذ الفرنسي في بلاده ، ومرر مجموعة من المصالح الجديدة التي تهدف الى تحويلها لمستعمرة “اماراتية” وإعادة ترسيخ مكانتها في الإقليم ، ضاعت الفرصة إلى الأبد.
والآن، يجد “محمد ديبي” نفسه منبوذاً، حتى من عشيرته، حيث يرفض كبار قادة الجيش والدولة التعايش مع شلالات الدم وسط امتدادهم العشائري في السودان ،يتذمرون من الهجمات الوحشية للطيران المسير التابع لمليشيات “حميدتي” على العزل بمعسكرات النازحين بالفاشر ، والذي ينطلق من مطاري “انجمينا” و”ام جرس” بحسب براهين وصور بالاقمار الصناعية قدمها الجيش السوداني كأدلة اتهام على تورط تشاد في الحرب السودانية .
على نحو مماثل .. قيادات النظام التشادي من اسرة “ديبي” التي عانت من توترات بسبب نهج الرئيس “محمد” ترغب في إدارة حوار مع جارتها “السودان”، يهدف لتوضيح الموقف الصحيح للعقلاء من القيادة التشادية .
لم يفهم الرئيس “محمد ” إن خطوط التماس القائمة بين الدولتين و المكونات هي قدرٌ لا يمكن تغييره. وكان واضحاً أن فترة حكمه ستدفع بلاده الى حروب أكبر منها. وأن محاولة تغييرَ خطوط التماس يصطدم أيضاً بكبار اللاعبين على الساحة في بلاده .
وقد يكون مفيداً التذكير، وسط النسيان المصنوع هذا، بصفحة واحدة من صفحات التاريخ الذي يضجّ بالدم والمآسي التي طالت نظام “اسرة ديبي” في “تشاد” ، أن المجموعات التي يتحالف معها الرئيس “محمد” حالياً قد هددت حكم والده لسنوات ، ولا تفوت اي فرصة للانقضاض عليه ، اذاً، محاولة تمكين مليشيات “حميدتي” ذات الامتدادات العشائرية مع تلك المجموعات هو لعب بالنار التي ستشتعل قريباً.
لذا المطلوب اليوم من الرئيس “محمد ديبي” ليس مزيداً من القفزات للمجهول، وإنما إدراك الواقع، وحجم الربح والخسارة.
محبتي واحترامي