وطن الإعلامية – الخميس 2-1-2025م:
– (بالنسبة للسؤال المتكرر بتاع إدانة الدعم السريع أقولها بكل صراحة: ما في قوى في السودان دا أدانت الدعم السريع أكتر مننا.. مافي) – خالد عمر يوسف._
– طلب أحد الإخوة مزيداً من التوضيح لاستغباء “تقدم” للناس بمحاولتها إثبات البراءة من الانحياز للميليشيا بقضية وحيدة هي إدانة بعض جرائمها. أحاول تلبية طلبه في هذا المقال، مع الاعتذار عن بعض التكرار الذي لا غنى عنه.
▪️ المتابعة لتصريحات قادة “تقدم” تكشف أنهم يبنون دفاعهم عن أنفسهم في قضية الانحياز للميليشيا على أربع افتراضات: أنه لا يوجد شيء تستحق الميليشيا الإدانة بسببه سوى جرائمها على المدنيين. وأن البراءة من الانحياز لها تتحقق بشيء واحد فقط، هو إدانة هذه الجرائم. وأن أي مواقف أخرى لصالح الميليشيا، وأي دفاع، أو براءات، أو إدانات أخرى للجيش، لا علاقة لها بقضية الانحياز، وأن مساواة الجيش بالميليشيا في الإجرام موقف أخلاقي ومبدئي وينفي التسييس!
▪️ إذا اتفقنا على مقياس للحياد/ عدم الانحياز يتكون من ١٠ موضوعات: (١/ إشعال الحرب والانقلاب والتمرد .. ٢/ عرقلة الديمقراطية.. ٣/ عرقلة السلام.. ٤/ ممارسة الإرهاب.. ٥/ السعي للحرب الأهلية.. ٦/ السعي للتقسيم.. ٧/ التعنت في موضوع إعلان جدة.. ٨/ التبعية للخارج.. ٩/ جلب المرتزقة.. ١٠/ الحرب على المدنيين) سنجد:
– أن “تقدم” تبرئ الميليشيا من كل هذه الاتهامات، ما عدا واحدة فقط منها، وهي ارتكاب الجرائم. وحتى هذه لا تصنفها كحرب على المدنيين أو إرهاب، وتخفف الإدانة بحيل كثيرة معلومة، وتدافع عن الميليشيا دفاعاً مستميتاً في بقية الاتهامات.
– أنها تدين الجيش، وداعميه، في (كل) هذه الاتهامات، حتى في موضوع الإمارات والمرتزقة تدينه “بالعداء المجاني”، وبالإساءة لعلاقات السودان “بأشقائه”، ولم يحدث أبداً أن دافعت عن الجيش في مواجهة اتهام موجه له من الميليشيا، بل تبنت كل اتهاماتها له.
– أنها تحصل بمقياس الحياد هذا على انحياز كامل، ١٠ من ١٠، ضد الجيش، وعلى انحياز للميليشيا يزيد مقداره عن ٩ من ١٠، هذا إذا استبعدنا حيل تخفيف الإدانة في قضية الجرائم!
– الجرائم لم تأخذ أهميةً كبيرة إلا بسبب توسع الميليشيا فيها إلى درجة تستحق الوصف بالإرهاب، والحرب على المدنيين، وقد استغلت “تقدم” هذا الجو الإجرامي لإيهام الناس بأن إدانتها لبعض هذه الجرائم، مع نفي صفتي الإرهاب والحرب على المدنيين، هو إثبات لبراءتها من الانحياز!
– لو كانت الميليشيا قد امتنعت عن محاربة المدنيين، لما وجدت “تقدم” ما تغطي به انحيازها لها، لأن الإدانة الباهتة الوحيدة ستكون غير موجودة، ولن يكون هناك سوى مواقف الدفاع والمناصرة. وهكذا أصبح إجرام الميليشيا ضد المدنيين عند “تقدم” “فرصة” لتغطية غابة البراءات الكثيرة للميليشيا، والإدانات الكثيرة للجيش، بشجرة إدانتها الباهتة لبعض جرائم الميليشيا، أكثر من كونها أمر بالغ الخطورة تستحق بسببه الميليشيا المقاطعة والعقاب القانوني والسياسي!
– الافتراضات الأربع المشار إليها في مقدمة المقال هي افتراضات احتيالية مسيسة بالكامل وتحمل استهانة شديدة بعقول الناس. إذ تقوم “تقدم” بتوزيع البراءات والإدانات بطريقة كاملة التسييس، وحديث خالد عمر المقتبس في مقدمة المقال هو قلب كامل للحقيقة، فالقوى الأخرى تدين الميليشيا في قضية الجرائم إدانات تتناسب مع حجم إجرامها، وهي أكثر مما تفعل “تقدم”، ولا تهديها قائمة البراءات التي تهديها لها “تقدم”!
– علماّ بأن جرائم الدعم السريع أكبر وأظهر من أن يستطيع أي طرف الامتناع من إدانتها، وحتى الإمارات نفسها قد اضطرت لإدانة موجة الإجرام التي حدثت في الجزيرة بعد انشقاق كيكل، فهل هذا يكفي لإثبات براءتها من دعم الميليشيا، حتى إذا كررته منذ بداية التمرد مئات المرات مع تكرار جرائم الميليشيا اليومية الممنهجة؟
– الميليشيا نفسها توقن بأنها تستحق الإدانات المغلظة، ولهذا فإن أي إدانة باهتة، ومصحوبة بأشكال مختلفة من الدعم والدفاع عنها، وغير متناسبة مع إجرامها، ولا تنعكس سلباً على العلاقة معها لن تغضبها.
– كل خدمات “تقدم” للميليشيا تذهب هدراً بسبب نفيها المستمر لوقوفها معها، وهو النفي الذي يرسل رسالة القناعة القوية بأن الوقوف معها سُبَّة لا يتورط فيها عاقل!
– ومع هذا التسليم بهذه السُبَّة تربط “تقدم” مصيرها السياسي بمصير الميليشيا، وتراهن على بقائها وترفض هزيمتها وكأنها هزيمة لها