وطن الإعلامية – السبت 4-1-2025م:
■ بعد غدٍ الإثنين، يشهد السُودان معركة جديدة في إطار الحرب السياسية بعد إفشال الحرب العسكرية حيث يستعد مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة لمناقشة الوضع في السودان وسط حملة دولية مكثفة تعتمد على إستغلال تقارير المجاعة لتشويه صورته وزيادة الضغوط عليه ، تأتي هذه الحملة بعد فشل الأجندة العسكرية في تحقيق أهدافها، مما يشير إلى تحول في وسائل الاستهداف الدولي نحو استخدام الأزمات الإنسانية كذريعة، الجلسة القادمة لمجلس الأمن الدولي تضع الدبلوماسية والإعلام والأمن القومي السوداني أمام سناريو جديد ضمن سناريوهات التدخل الدولي .
■ المجاعة : أداة استهداف السودان ■
■ الجلسة القادمة لمجلس الأمن تكشف عن منصة لإطلاق سلاح المجاعة نحو السودان عقب تذخيره وحشوه بتقارير منظمة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التي تم إصدارها مؤخرًا، إلى جانب تقارير أخرى مشابهة، في محاولة مستمرة لإضعاف الموقف السوداني على الساحة الدولية ، حيث يتم استخدام لغة تحذيرية مبالغ فيها بشأن إيصال الغذاء وتفشي المجاعة لا سيما في مناطق سيطرة المليشا على الرغم من المرونة التامة التى أبدتها الحكومة، وتثير توقيتات هذه التقارير ومضامينها تساؤلات حول أهدافها الحقيقية، في إطار سعي بعض الجهات الدولية إلى تعبئة الرأي العام الدولي والأمم المتحدة لتبرير تدخل خارجي تحت غطاء الشرعية الدولية.
■ تنسِيق التَّصعِيد ■
■ تزامنت تصريحات وزارة الخارجية الإماراتية مع جملة تقارير تصعيّدية، منها تقاريز منظمة أطباء بلا حدود ورسائل مديرها العام في جنيف “ستيفن كورنيش” السالبة ومغلوطة، مما يعكس تنسيقًا من جهات دولية للضغط على السودان. هذا التصعيد يهدف إلى دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ مواقف أكثر قسوة ضد السودان في الجلسة القادمة.
■ ردود الحكومة السودانية ■
■ واجهت الحكومة السودانية هذه الهجمات بتصريحات رسمية تؤكد رفضها القاطع لتسييس قضايا الأمن الغذائي أتبعتها بتحركات وإتصالات دبلوماسية، ودعت الحكومة إلى تصحيح صورة الوضع الإنساني في السودان عبر توثيق الحقائق الحقيقية، وتوضيح الفجوة بين المزاعم الواردة في التقارير والواقع. كما أكدت أن هذه التقارير تتجاهل العوامل الحقيقية التي تؤثر على الوضع، مثل النزاعات المسلحة وتدمير البنية التحتية.
الموقف الروسي ورئاسة الجزائر لمجلس الأمن■
يكتسب الموقف الروسي في هذا السياق أهمية خاصة، حيث يُظهر دعمًا مُحتملًا للسودان في مواجهة هذه الضغوط. روسيا، التي تسعى إلى تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع السودان، قد تؤثر بشكل كبير في مجريات الجلسة القادمة لمجلس الأمن، بالإضافة إلى ذلك، تشغل الجزائر هذا الشهر رئاسة مجلس الأمن، مما قد يساهم في توجيه النقاش نحو دعم مواقف السودان في هذه الجلسة، نظرًا للعلاقات الثنائية الجيدة بين البلدين.
■ السيناريوهات المتوقعة ■
■ سيناريو دعم الجزائر وروسيا: في حال نجح التنسيق بين الجزائر وروسيا في دعم السودان، يمكن أن يتجه مجلس الأمن إلى تقليص أو حتى تعليق أي قرارات تدين السودان أو تفرض تدابير قسرية. هذا السيناريو سيعزز الموقف السوداني ويحافظ على السيادة الوطنية، حيث ستحاول الدول الأعضاء استخدام هذه القوى الدولية لتشكيل جبهة مضادة للتدخلات.
■ سيناريو تزايد الضغوط الدولية: إذا فشلت الجهود السودانية في إقناع الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن مجلس الأمن قد يتبنى قرارًا يضغط على السودان بشأن الوضع الإنساني، وهو ما قد يشمل فرض عقوبات أو تدخلات تحت غطاء إنساني. في هذا السيناريو، سيكون على السودان التعامل مع تداعيات القرار من خلال مزيد من التحرك الدبلوماسي والإعلامي لتعزيز موقفه.
■ سيناريو عدم التوصل إلى توافق دولي: إذا شهدت الجلسة عدم توافق بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فإن الوضع سيظل غير مستقر، حيث يمكن أن تبقى الضغوط الدولية مستمرة ولكن دون اتخاذ قرارات حاسمة. في هذا السيناريو، سيكون على السودان أن يستمر في استخدام دبلوماسيته ووسائل الإعلام لإدارة الأزمة وتفادي أي محاولات لتدويل القضية.
■ خطوات مطلوبة لمواجهة الحملة
■ تعزيز الدبلوماسية والإعلام الأمني الوطني والدولي على السودان تبني استراتيجية دبلومسية أمنية إعلامية شاملة وفعّالة، تهدف إلى تفنيد المزاعم الواردة في التقارير الدولية.
■ ينبغي التركيز على تقديم بيانات وإحصائيات دقيقة حول الوضع الإنساني في السودان، مع تسليط الضوء على الجهود المحلية لتحسين الأمن الغذائي، والتمسك بالتعاون مع الشركاء الدوليين الذين يحترمون سيادة السودان.
■ تنشيط الدبلوماسية في المحافل الدولية: تكثيف الحضور السوداني في الأمم المتحدة ومجلس الأمن إرسال رسائل عرض الحقائق و البيانات الموثقة، التنسيق مع الدول الصديقة لتشكيل جبهة داعمة لموقف السودان على الساحة الدولية، مع ضمان استناد جميع المواقف إلى الحقائق المجردة.
■︎ بناء تحالفات مع منظمات مستقلة: من الضروري تعزيز التعاون مع منظمات دولية مستقلة، بما في ذلك المنظمات الإنسانية التي تحظى بالحياد، لتوثيق الوضع الإنساني في السودان وتقديم رواية متوازنة وموضوعية. إضافة إلى ذلك، يمكن إطلاق منصة وطنية للإعلام الخارجي التي تستهدف وسائل الإعلام العالمية وتعزز حضور السودان على الساحة الدولية.
■ خلاصـة القـول ومنتهـاه ■
* السودان يواجه استهدافًا مباشرًا عبر بوابة الأزمة الإنسانية. المطلوب الآن هو استراتيجية شاملة تجمع بين الإعلام والدبلوماسية والعمل الإنساني المحلي لتفويت الفرصة على أي محاولات لتدويل الأزمة أو المساس بسيادة البلاد. التحرك السريع والفعّال بات ضرورة ملحة في هذا التوقيت الحساس، في ظل الدور المحوري لمجلس الأمن الدولي ورئاسة الجزائر الشهرية في تشكيل مخرجات الجلسة القادمة.