وطن الإعلامية – السبت 19-4-2025م:
بينما تتصاعد جرائم ميليشيا الدعم السريع بحق المدنيين، لا يزال المجتمع الدولي يتعامل مع المأساة السودانية ببرود وصمت مريب، مكتفيًا ببيانات “القلق العميق”، وكأن دماء السودانيين بلا قيمة في ميزان العدالة الدولية.
في أحدث بيان، أعرب مجلس الأمن الدولي عن “قلقه البالغ” إزاء تقارير تؤكد مقتل نحو 400 مدني، بينهم أطفال، في معسكر زمزم ومدينة الفاشر، مطالبًا برفع الحصار ومحاسبة المسؤولين. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يكفي القلق بعد عامين من المجازر المتكررة؟
منذ انقلاب أبريل 2023 الذي قادته ميليشيا الدعم السريع، يشهد السودان حرب إبادة ممنهجة. في دارفور وحدها، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص وشُرّد مليون آخرون من قبيلة المساليت، وفقًا لإفادة سلطان دار المساليت، سعد بحر عبد الرحمن، أمام مجلس الأمن. وقد شملت الجرائم حرق المدنيين أحياء، ودفن الجرحى وهم أحياء، والتمثيل بالجثث، بما في ذلك جثة والي غرب دارفور خميس أبكر.
وامتدت المجازر إلى مناطق الوسط، حيث قُتل أكثر من 207 مدنيين في ود النورة، و200 آخرين في الهلالية، ضمن حملة عنف استهدفت القرى الآمنة في الجزيرة. وفي القطينة بولاية النيل الأبيض، ارتكبت الميليشيا مذبحة راح ضحيتها أكثر من 430 مدنيًا، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين.
وفي سوق صابرين بأم درمان، قُتل 61 مدنيًا وأصيب 73 آخرون جراء هجوم مباشر لقوات الدعم السريع، تبعته عمليات نهب وتهجير قسري. أما معسكر أبو شوك في الفاشر، الذي يأوي مئات الآلاف من النازحين، فقد تعرض لقصف يومي أسفر عن عشرات القتلى وتدمير البنية الأساسية.
لم تقتصر الجرائم على الأرواح، بل طالت البنية التحتية: نهب للمرافق، تدمير لمحطات الكهرباء، تخريب منشآت الاتصالات، وعرقلة كاملة للمساعدات الإنسانية.
وقد تجاوز عدد اللاجئين السودانيين 7.2 مليون شخص، فرّوا إلى دول الجوار، إضافة إلى 8 ملايين نازح داخلي يعيشون في ظروف مأساوية.
*الدبلوماسي الأمريكي السابق، كاميرون هديسون،* قال: “الإدانة لا تكفي، المطلوب هو فرض عقوبات صارمة على قيادات الدعم السريع، وتوسيع صلاحيات المحكمة الجنائية لتشمل كافة الجرائم في السودان.”
*ما يحدث اليوم في السودان هو اختبار لضمير المجتمع الدولي.* هل يصمت أمام مجازر موثقة وجرائم ضد الإنسانية؟ متى يُصنّف الدعم السريع كمنظمة إرهابية؟ ومتى يُعامل السوداني كإنسان له حق في الحياة والأمن والكرامة؟
لقد آن الأوان لكسر هذا الصمت المخزي، ورفع الصوت بالحقيقة… بلا تجميل أو مواربة