وطن الإعلامية – الإثنين 21-4-2025م:
في قديم الزمان، حين كان للرجال وجوهٌ لا تستحي من إنعكاس الشمس، عُرف رجل يُدعى “أبو حية النميري” كأجبن العرب قاطبة، حتى صار مضرباً للمثل، كان الجبن يجري في عروقه مجرى الدم، وقصته مع الكلب صارت خنجراً يلمع كلما حاول أحدهم تلميع جبنه بطلاء الشجاعة !
دخل كلبٌ منزله ذات ليلة، في ظلمةٍ تُخيف العيون ولا تُظهرها خرج أبو حية مذعوراً مع زوجته، أمسك سيفه وراح يصرخ في العتمة: الله أكبر وعد الله حقّ! كأنما غزا بيته جيش الروم لا كلب ضال، إجتمع الجيران يظنون أن القيامة قامت في بيت الرجل، فقال لهم: عدوٌ محارب انتهك حرمتي ودخل داري! ثم صار ينادي في رعب: إن كنت للمبارزة، فأنا إبنها! وإن كنت للقتل، فأنا فداء الوطن! وإن كنت للمسالمة فصدري مفتوحٌ لها!
وقف خارج الباب يلوّح بسيفه ويتظاهر بالعظمة، حتى خرج الكلب من الزاوية، فعاد إلى أصله، ورمى السيف وقال مطمئناً: الحمد لله الذي مسخك كلباً وكفانا حرباً !!
ولأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بسخرية، نشهد اليوم مشهداً يُعيد رسم حكاية أبي حية ولكن بزيّ المليشيا المعاصرة، تلك التي لا تجيد من لغة الحرب سوى الضجيج، ولا تعرف من القتال إلا بيانات النفي والتكذيب، عندما تهرب وتنكسر على وقع ضربات القوات المسلحة، تلبس جبنها ثوب “الانسحاب التكتيكي”، وتمضي تجرّ أذيال الهزيمة نحو مخارج الوهم، تارة تقول إنّها انسحبت بإرادتها، وتارة تتحدث عن (إجازة للعيد) !! وضرورة العودة إلى الأهل
أبو حية لم يكن وحده من قال: “أريد مسالمة”، فهؤلاء المستشارون الحربيّون للمليشيا الذين يظهرون في الفضائيات، يرددون العبارة نفسها ولكن بلغة العصر يخترعون “تكتيكاً” لكل هزيمة، ويغسلون وجه الخوف بماء الكلام ، وعندما تدخل القوات المسلحة المناطق التي فرّوا منها، يسقطون سيوفهم الإعلامية ويشكرون القدر أن المعركة كر وفرو اعادة تمام تموضع حيث لاوضعية لهم إلا (العريد) !!
إني من منصتي انظر …حيث أرى…أن الجبن اليوم له منصات وقنوات وألقاب، وأبو حية صار مدرسة يتخرج فيها كل من يجعل الهروب بطولة، وكل من يبدّل الحقيقة ببيان صحفي، أبا حية قد كذب…ومع ذلك كان جباناً ولعل أبا حية أبا للمليشيا ومستشارها الأول !!! والمثل السوداني يقول : ( الفي والدك بقالدك ) !!