وطن الإعلامية – الخميس 24-4-2025م:
في صمتٍ دوليٍ مخزٍ، تُرتكب في ولاية شمال دارفور جرائم لا توصف من بشاعتها، تحرق القرى، وتشرّد الإنسان، وتعيد مشهد الإبادة الجماعية والعالم يتفرج. أكثر من 270 قرية أُحرقت بالكامل في محليات أم كدادة، الفاشر، المالحة، وغيرها، على يد مليشيا الدعم السريع. اجتاحت المنطقة بعد أن مُنيت بهزائم في الخرطوم وسنار والجزيرة، لتصب حقدها على مدنيين عزّل، ارتكبت ضدهم كل صنوف الانتهاكات من قتل ونهب واغتصاب وتشريد قسري.
أكثر من مليون مواطن شُرِّدوا قسرًا، وأُجبروا على ترك منازلهم تحت تهديد السلاح والنار، في ظل حصار خانق ومنع تام لدخول المساعدات الإنسانية، حتى عبر الإسقاط الجوي. بل بلغ الإجرام مداه حين أقدمت المليشيا على تلويث مياه الشرب بإلقاء الجثث في الآبار، مما أجبر السكان على اللجوء لمياه المجاري والخيران.
إن ما يجري في دارفور لا يمكن اعتباره مجرد انتهاكات عشوائية، بل هو جرائم حرب ممنهحة ضد الإنسانية، بل جرائم إبادة كما يعرفها القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ورغم فداحة الجرائم، فإن العالم لم يُبدِ سوى إدانات خجولة لا ترقى لحجم المأساة، ولم يتحمل مجلس الأمن ولا الحكومات الغربية ولا الأمم المتحدة مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه ما يحدث. إن استمرار هذا الصمت، في ظل شواهد دامغة وموثقة، يمثل شراكة في الجريمة وتواطؤًا مخزيًا.
المجتمع الدولي مطالب الآن، وليس غدًا، بأن يتحرك فورًا:
تصنيف هذه المليشيا كمنظمة إرهابية، استنادًا إلى سجلها الدموي وانتهاكاتها الصارخة والأدلة الدامغة التي ظل العالم يدينها دون أن يتحرك.
محاسبة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية، وتفعيل آليات العدالة والمساءلة.
فتح ممرات إنسانية عاجلة لإنقاذ المحاصرين والنازحين في الفاشر والمناطق الأخرى.
إطلاق حملات دولية إعلامية وسياسية وقانونية لتوثيق وفضح هذه الجرائم، ووضعها أمام ضمير الإنسانية.
ولا بد هنا من تحميل دولة الإمارات العربية المتحدة المسؤولية الكاملة عن دعم هذه المليشيا بالسلاح والمرتزقة، وهو دعم موثق ومتكرر، ويعد خرقًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة، ومساهمة مباشرة في زعزعة السلم والأمن الدوليين. كما أثبتت ذلك مداولات الكونغرس الأمريكي و خطابات نوابه الى الرؤساء الأمريكان المتعاقبون.
إذا كان العالم جادًا في التزاماته القانونية والإنسانية، وإذا كانت شعارات حقوق الإنسان لا تزال تعني شيئًا، فإن دارفور اليوم هي المحك الحقيقي. صمتكم جريمة… وإنقاذ الضحايا واجب لا يقبل التأجيل.