وطن الإعلامية – الخميس 1-5-2025م:
في خطوة مفاجئة، أصدرت النيابة العامة الإماراتية بيانًا اتهمت فيه مجموعة من السودانيين – من بينهم مسؤولون سابقون – بمحاولة تهريب شحنة سلاح إلى القوات المسلحة السودانية، مؤكدة ضبط العملية داخل أحد مطارات الدولة. البيان الذي بدا للوهلة الأولى إجراءً جنائيًا، ينطوي في جوهره على أبعاد سياسية وأمنية وقانونية أعمق، تأتي في ظل تصاعد الضغوط الدولية على أبوظبي بسبب دورها المعروف في دعم مليشيا الدعم السريع الإرهابية التي تشن حربًا مدمرة على السودان.
■ محاولة للهروب من استحقاقات لاهاي
توقيت البيان يكشف جانبًا من أهدافه؛ إذ يأتي قبل أيام قليلة من إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي قرارها المرتقب في القضية التي رفعتها الحكومة السودانية ضد الإمارات بتهمة تمويل وتدريب وتسليح مليشيا الدعم السريع. وبالتالي، فإن هذا البيان لا يُقرأ كإجراء قضائي داخلي، بل كمحاولة لصياغة رواية “دفاعية” أمام العالم: الإمارات تكافح تهريب السلاح ولا تشجعه.
■ تحرك مرتبك بعد فشل عربي مزدوج
البيان لم يأتِ بمعزل عن المشهد العربي أيضًا؛ فالإمارات فشلت مؤخرًا في محاولتين متتاليتين لتحييد موقف الجامعة العربية حيال الأزمة السودانية، بل جاءت مخرجات الاجتماعين الوزاريين في القاهرة والرياض منحازة بوضوح للشرعية السودانية ورافضة للتدخلات الخارجية، وفي مقدمتها الدعم الأجنبي للمليشيات. هذا التراجع في التأثير العربي دفع الإمارات، على ما يبدو، إلى تغيير تكتيكها عبر توجيه الاتهام للقادة العسكريين السودانيين أنفسهم، في محاولة للتشويش على صورة القيادة الشرعية التي تحظى بدعم متزايد.
■ زيارة البرهان للقاهرة.. نقطة التحول الاستراتيجي
لا يمكن إغفال السياق الإقليمي أيضًا، فزيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان الأخيرة إلى القاهرة، وما تلاها من تعزيز للتقارب السوداني المصري، تمثل تحولًا استراتيجيًا أربك حسابات أبوظبي، وعزلها إقليميًا في ملف كانت تعتقد أنها اللاعب الرئيسي فيه. كما مثل هذا التحول تهديدًا مباشرًا لمشروعها في السودان، المعتمد على دعم الفوضى المسلحة وتمكين وكلائها المحليين.
■ تشكيك رسمي في مجلس الأمن: محاولة لهدم الموقف السوداني المدعوم أمميًا
ولم يتوقف الارتباك الإماراتي عند حدود البيان القضائي، بل امتد إلى قاعة مجلس الأمن، حيث أطلق مندوب الإمارات الدائم تصريحات علنية تُشكك في خطاب مندوب السودان، متهمًا إياه بـ”سوء استخدام تقرير لجنة الخبراء”. هذا الموقف يُعد تحركًا دبلوماسيًا خطيرًا هدفه الانقلاب على الشرعية الأممية لتقارير تثبت تورط أبوظبي في دعم مليشيا إرهابية، ويكشف عن سعي إماراتي لهدم الأسس التي يستند عليها السودان في معركته القانونية والسياسية أمام المجتمع الدولي.
■ محاولة للتشكيك والابتزاز السياسي
زجّ أسماء مثل صلاح قوش وأحمد ربيع في البيان، دون أن يكون لهم أي دور حالي فعلي في الدولة السودانية، يوحي بمحاولة خلط الأوراق والتشويش على المشهد العام، وتمهيدًا لسيناريوهات هدفها إضعاف مركز السودان التفاوضي والدولي عبر رسم صورة مشوشة عن القيادة الشرعية في الخرطوم.
■ خـلاصـة القـول ومنـتهـاه:
بيان النيابة العامة الإماراتية، إلى جانب تصريحات مندوبها في مجلس الأمن، لا يمكن قراءتهما إلا في إطار حملة دفاع استباقي سياسي وإعلامي، هدفها الهروب من مسؤوليات قانونية دولية، والتقليل من وقع الفشل الإقليمي والعربي. لكن الحصيلة النهائية تؤكد حقيقة واحدة: الموقف السوداني يزداد قوة واتساقًا، فيما يتآكل النفوذ الإماراتي تدريجيًا بفعل وضوح الحقائق وتصاعد الأصوات الدولية ضد تغذية الحروب بالوكالة
قناة تلفزيون السودان (بث مباشر)
قناة الزرقاء (بث مباشر)







