وطن الإعلامية – الإثنين 12-5-2025م:
في الأنباء أن الرئيس البرهان رفض وساطة جامعة الدول العربية لرأب الصدع مع الأمارات وإجراء مصالحة بين البلدين.
وبحسب هذه الأنباء أن الرئيس البرهان اشترط أن تتوقف الإمارات عن دعم ميليشيا الدعم السريع بالسلاح والمال.
ووفقاََ لصحيفة (الشرق الأوسط) فقد كشف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي عن جهود عربية على مستوى الجامعة العربية، وعلى المستوى الثنائي تبذل لرأب الصدع بين السودان والإمارات دون افتئات على مصلحة أي من الطرفين، معترفاََ بأن هذه الجهود لم تصب النجاح المطلوب حتى الآن.
ويبدو غريباََ أن تهتم الجامعة العربية على نحو مفاجئ وبعد مضي أكثر من عامين على الحرب التي أشعلتها الأمارات في السودان باستخدام مخلبها ميليشيا الدعم السريع الإرهابية ، بقضية رأب الصدع بين السودان والإمارات والسعي نحو تحقيق مصالحة بينهما. فالتوقيت غريب ومريب.
ولكن إذا أحسنا الظن وقلنا أن الجامعة العربية كانت ربما منشغلة بما هو أهم من قضية الحرب في السودان الدولة العضو المؤسس للجامعة العربية ، علماً بأن الجامعة لم تكن منشغلة بقضية العدوان الإسرائيلي على غزة أيضاََ!!
المهم نسلم جدلاََ بأنها كانت منشغلة بما هو أهم من قضية السودان وقضية غزة ، فإن مهمة إجراء مصالحة بين السودان والإمارات هي مهمة مستحيلة فبين السودان والامارات ما صنع الحداد، ولن يصلح عطار الجامعة العربية ما أفسدته حرب الوكالة.
نقول أن جهود ومساعي الحلول السلمية منذ نشوب الحرب تأخذ شكلاََ نمطياََ يتلخص في أن هذه المساعي والجهود تنشط بصورة أساسية عندما يكون الوضع العسكري للميليشيا الإرهابية في الميدان ضعيفاََ، وأن هذه المساعي تأتي بإيعاز من دويلة العدوان ثم ما تلبث أن تتبدد هذه المساعي حين تميل الكفة لصالح الميليشيا.
تأتي مساعي الجامعة العربية التي كشف النقاب عنها مؤخراََ في سياق هذا النمط الذي تكرر كثيراََ من قبل وذلك بسبب التقدم الواضح والكاسح للجيش والقوات المساندة له في كل محاور القتال وتراجع وانهيار ميليشيا الدعم السريع أمام الزحف الجارف للجيش والقوات المساندة له في كردفان هذه الأيام وتحريرها لمدينة الخوي ووصولها لتخوم مدينة النهود التي باتت على مرمى حجر من التحرير وينتظر الإعلان عن تحريرها في أي وقت، والاتجاه نحو الفاشر لفك الحصار عنها والتقدم نحو نيالا والجنينة وبقية مدن دارفور لتطهيرها وهي آخر معاقل الميليشيا الإرهابية ، وإذا أضفنا إلى ذلك تجاوز السودان لآثار حملة الهجوم بالمسيرات على كسلا وبورتسودان واستهدافها للبنى التحتية والمرافق الخدمية الحيوية وامتصاص كل هذه الهجمات، فإن الصورة تبدو أمامنا واضحة لا “غبش” فيها ولا تشوبها شائبة.
والصورة تقول تفاصيلها أن الكفيل (مزنوق) ويوشك على الغرق ويريد الإمساك بقشة الجامعة العربية علها تنقذه من الغرق ، لكن ليس إلى ذلك من سبيل، فالقشة يمكنها أن تقصم ظهر البعير لكنها لا تنقذ غريقاََ..
للأسف الجامعة العربية ليست لها قوة دفع ذاتي، وإنما تستمد حركتها من مراكز قوى داخلية تحركها حيث تشاء وإلى الوجهة التي تخدم مصالح هذه القوى بعيداََ عن المصلحة العامة للشعوب العربية.
الأيدي العليا الأعلى مساهمة في ميزانية الجامعة هي صاحبة القرار وكلمتها هي العليا للأسف..
وحسناََ فعل الرئيس البرهان باشتراطه قبول المصالحة بتوقف الدويلة عن دعمها للميليشيا الإرهابية فهو بهذا الشرط قد وضع الدويلة في المحك ،ومصداقيتها تحت الاختبار..
فإن هي وافقت على وقف الدعم فإن ذلك يعتبر اعترافاََ واضحاََ بأنها كانت بالفعل تدعم الميليشيا، وبالتالي فإن صدقت في وقف الدعم فذلك ما يريده السودان ويعتبر نصراََ له.
وإن هي رفضت وقف دعمها للميليشيا فذلك أيضاََ اعتراف وتأكيد منها بالمضي في دعم الميليشيا، فإن هذا الرفض يعتبر بيّنة إضافية ضدها.
أما إن أنكرت دعمها للميليشيا جملة وتفصيلاََ فإن هذا الإنكار يغني السودان عن الدخول في فخ مصالحة مزعومة مع عدو مخادع ومراوغ لا تؤمن بوائقه.
وبالتالي، فإن ذلك يمكّن السودان في الإستمرار في إنفاذ خطته لحسم الأمر على الأرض في محاور القتال بالقوة وإلحاق الهزيمة بالميليشيا وقطع دابرها وهو ما لا تريده الدويلة لأن في هزيمة الميليشيا هزيمة لها .
إنه مأزق أدخلت الدويلة نفسها فيه بحيث أصبحت كل الخيارات صعبة بالنسبة لها ،كل الخيارات أمامها تؤدي بها إلى مهاوي الهزيمة. وهذه هي عاقبة العدوان ومنقلب كل معتدٍ أثيم.