وطن الإعلامية – الاربعاء 4-9-2024م:
تأتي زيارة الرئيس السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى جمهورية الصين الشعبية .. التي بدأت أمس للمشاركة في قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي كواحدة من أهم الزيارات في هذا التوقيت الذي يبحث فيه السودان عن الأصدقاء الحقيقيين ..
فقد ظلت الصين تمثل الشريك الاقتصادي الاستراتيجي الأول للسودان.. خلال السنوات الماضية كما ظلت حاضرة في دعم جميع الملفات الاقتصادية والتنموية و الدبلوماسية..
كما نعلم أن الصين تحترم سيادة الدول ولا تدخل في شئونها الداخلية وتعتمد نظام الاقتصاد التشاركي الذي يمكن الدول من النهوض دون قيود او إملاءات.. حيث ظلت تنظر للسودان واحدا من أبرز الدول الإفريقية الواعدة استثماريًا.. لما لديه من فرص جاذبة في قطاعات اقتصادية هامة، مثل الطاقة و النفط والثروة الحيوانية والزراعية، والسدود.. فضلا على أنه يُعد مدخلًا مهما لإفريقيا.. إضافة إلى أن السودان يعد سوقا كبيرا للسلع الصينية .. هذا بجانب تجذر العلاقات الدبلوماسية والشعبية.. انطلاقا من مقاربة استعمارية تاريخية بين البلدين حيث أن غردون باشا قد مثل وجه الاستعمار في الصين قبل السودان ومارس صنوف من الصلف والاستكبار حيث كانت نهاية استعلائه في السودان على يد الثورة المهدية..
مثلت تلك الوشائج صداقة قديمة حيث شهد العام 1959م أول نشوء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين .. أيضا الصين قدمت لأجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السودان عدد من المشاريع التنموية الفاعلة وساهمت في نهضة السودان الحديثة في ظل العقوبات الاقتصادية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على السودان خلال ثلاثين عام الماضية التي مثلت حكم الرئيس البشير..
كانت الصين شريكا حاضرا إلى جانب الشعب السوداني من خلال مشروعات الطاقة والنفط والبنية التحتية.. جميعنا يعرف مساهمتها في تشييد منظومة السدود السودانية سد مروي وتعلية سد الرصيرص ومجمع سدي أعالى عطبرة وسيتيت والمطارات والجسور والمدن السكنية.. وخطوط الكهرباء.. هذا بجانب مشروعات حصاد المياه حيث وصلت العلاقات إلى ذروتها في تبادل المنافع بين البلدين إلى أن أعلن عن شراكة استراتيجية دخلت بموجبها العلاقات الثنائية مرحلة تاريخية جديدة..
یمكن القول أن العلاقات الإقتصادیة بین السودان والصین تعتبر أحد النماذج الإیجابیة للتعاون الاقتصادي الدولي.. حیث تتوافر لدى البلدين مقومات الشراكة الفاعلة المنتجة .. فالسودان من خلال موقعه الجيوسياسي المطل على البحر الأحمر والذي يمثل قلب أفريقيا.. غني بالموارد الاقتصادية المميزة والصین تحتاج إلى هذه الموارد لدفع عجلة اقتصادها المتسارع في النمو والتطور ..
كذلك يعتبر السودان من أوائل الدول التي استجابت لمبادرة الحزام والطريق الصينية التي تمثل استراتيجية الاقتصادية للتنمية الوطنية الصينية التي تهدف إلى ربط الصين بالأسواق العالمية حيث الموارد والأسواق والاستثمار في البنية التحتية والسكة حديد والطاقة والتعاون الاقتصادي.. كذلك تعمل المبادرة على تقوية الروابط الشعبية بين الصين ودول العالم.. لاسيما أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.. لذلك لابد من العمل على َالاستفادة من هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس البرهان وطاقمه الوزاري في تنشيط برتكولات التعاون المشترك في الجوانب الاقتصادية والتجارية والجوانب المتعلقة بالبنية التحتية وإعادة البناء والمشروعات الاستراتيجية في جانب التعدين والمياه والزراعة والثروة الحيوانية والطاقة..
ربما ينظر البعض أيضا إلى هذه الزيارة من جوانب متعلقة بالامداد العسكري والتعاون الأمني في ظل الحرب التي يخوضها السودان منذ العام الماضي ضد القوات المتمردة المدعومة اقليميا ودوليا.. فلابد أن يتجه السودان لتعزيز قدراته العسكرية على كافة الأصعدة حتى يتمكن من حسم الحرب سريعا ويتجه الي إعادة الأعمار والبناء..
لكن يظل وجه الحقيقة في أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية وكافة الشراكات الاستراتيجية مع هذا البلد الذي يحترم سيادة الدول ولا يتدخل في شؤونها الداخلية.. ويعمل على تبادل المنافع بما يحقق الأمن والسلام ورفاهية الإنسان.. لذلك زيارة الصين تظل خطوة في الاتجاه الصحيح.. أرجو أن يتم استثمارها كما يجب.. لصالح الشعب السوداني التي يتطلع إلى الاستقرار والأمن والتطور الاقتصادي.
دمتم بخير وعافية..
الأربعاء 4 سبتمبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com