محمد حامد جمعة نوار.. يكتب: إمتنان
ــــــــــــــــــــــــ
وطن الإعلامية – الأحد 8-9-2024م:
عبرت بداخل أزقة امدرمان القديمة . إستقبلت الجنوب من تلقاء الشمال . يميني كانت مرابع حي الاذاعي حمزة مصطفى الشفيع في (العمدة) إنعطفت شرقا بلغت(الدومة) سرت إلى زقاق (الشفايعة) حضر في خاطري (شاخور) و(النميري) .لمحت في بعض الطريق رايات ممزعة للأنصار .هممت بالسؤال عن بيت آل (تكنة) ولي فيهم صلة دم كنت اغالط أحدهم أن في هذا الطريق سار كذلك صادق عبد الله عبد الماجد وفي آخره تدفق دم معاوية سبدرات عند مقام مسجد الأنصار العتيق الذي كان في خاطر جدي مسجد رابع تشد إليه الرحال . بلغت ود ارو ومررت بالهجرة .عدت غربا حتى التيجاني الماحي كنت على وشك الجنون من الوحشة لولا أن رأيت برهان بعض الجند في إرتكازاتومتفرقة . يشربون من ماء برميل . يعينون بالارشاد من يضل أو تخذله ذاكرة الملامح . عبرت إلى حي الأمراء .ثم بدايات العباسية . الحي الذي عشت فيه أربعة أشهر بين مثلث أضلاعه آل عربي والصلحي وياجي .هي مسافات بقياس الخطى بعض كيلو مترات . لا تكمل الخمسة إن صحت تقديرات المساحة الافتراضية واظنها أقل بكثير إلى النصف أو أقل . لكني كنت وقتها على علم بالثمن المدفوع فيها لتكون عندي طواف بغير مشقة أو خطر . كان كأنما بكل بوصة ومتر فيها (روح) شهيد وفداء ضابط وجندي ومستنفر . عشرات عشرات من شهداء وجرحى .هم في مضابط السلطات أسم على قصاصة إشارة ورسم موقف و(ملف) بالمعاشات أو شؤون الجرحى . لم توثق لهم من أسود العرين إلى عزم الرجال إلا خواطر ذكريات الرفاق ربما الان في طارئات الانس أو همسات السمر ولحظات العبور في الذهاب والاياب
2
هذه المسافات التي عند بعضنا تقاس بالبعد بين شارع وزقاق . وحي وطريق . هي عند فئة من أهل العزيمة كانت نصبا للفداء وملاحم يختلط فيها الدم بالعرق والدموع .تتلقاها انت و(وانا) ونحن جلوس أمام شاشة أو فوق جمع وارف الظلال . بعضنا قد يسخر (يعني شنو حلة وشارعين) وهذه (اليعني) كان ثمنها اخ لن يرى أخته أو والد فارق ابنه أو بار سيغيب عن أمه وأبيه . ناب عني وعنك كان هو فرض (العين) الذي حول وضعنا إلى فرض (الكفاية) . لم يطلب اولئك الرجال في ثباتهم المجيد من أحد دعم قناعة .ففي قناعاتهم ما يفيض غير أن تمام اخلاق المواطنة قطعا تلزمنا بالامتنان . لكل الذين الان شارع شارع ومسافة مسافة يمضون . تحت المطر والهاجرة والأرض المبثوثة بمراصد القنص والقناصة التي حولت مضارب السكن القديم منامات ومقامات لمن حولها إلى ثكنات وقد كانت في السابق لا تعرف طرقاتها (البوت) إلا لشرطي يفض مشاجرة أو جندي يعود لمنزله اخر اليوم لينام .
3
لذا كلما يمر بك نعي شهيد .تدبر فقط مداعي (الإمتنان) . قل شكراً بصدق . قل شكراً بعرفان . قل شكراً بقيمة من يدرك أن المسافة بين ظل حائط جارك المقابل وأكرة باب دارك كانت بالواقع وفي أصل الأمر مسافة بين صرخة ميلاد وإغماضة شهيد . هي ليست مسافة لإدارة مفتاح على منفذ (كالون) ابدا ليست كذلك ولن تكون .ولأنها لن تكون دعونا اليوم نتحدث عنهم من كل الجهات والجبهات .وسأبدا اليوم بالمدرعات ..ديل حقهم براهم .