وطن الإعلامية – السبت 4-1-2025م:
1️⃣
هل تعبر صورة ومواقف الإدارة الأهلية لقبيلة المسيرية عن حقيقة الوضع في تلك الديار من حيث الولاء للوطن ام الولاء للمليشيا؟؟ وهل من يقف مع الجنجويد الرموز الثلاثة ام العمد والشيوخ والقيادات والشباب؟ ولماذا صمدت الفرقة 22 بابنوسة حتى يئس منها الجنجويد، كما يئس الكفار من أهل القبور؟ أسئلة عديدة تطرح نفسها في فضاء المناخ السياسي، والاجتماعي، بمنطقة المسيرية التي تختزن في ذاكرة السودانيين صورةً زائفةً عن حقيقة موقف قبيلة المسيرية العريقة الكبيرة، مما يجري في ساحة الوطن، الذي أصبح فيه كل كلب ببابه نباح، وكل ديك في مزبلته صياح، وغمرت الحقائق في تبن الأكاذيب، وانزوي الشرفاء بعيدا عن عراك الساحة، التي سادها كل متنطع وجهول بتاريخ السودان، لأنه وفد إليه في سنوات القحط والجفاف.
المسيرية قبيلة كبيرة وعظيمة الأثر في التماسك القومي، وأي مشروع اجتماعي لوحدة البلاد لايمكنه تجاوز أوتاد الأرض، ومنهم هؤلاء العرب، الذين يمثلون المجموعة الجهينية كما يقول هارولد ماكمايل، في مذكراته تاريخ العرب في السودان، والمسيرية يشكلون عصب ولحم مجموعة قبائل البقارة، وهو تعريف مهنياً لا اثنياً باعتبارهم رعاة البقر، مقابل الابالة رعاة الإبل، والغنامة رعاة الغنم والضأن والماعز. وتمتد الجغرافيا التي يقطنها البقارة من النيل الأبيض شرقاً حيث عرب الاحامدة وسليم والجمع حيث كانت البقارة نظارات تعرف جغرافيا الجمع البقارة شرق، ورئاستها في ابوركبة، والبقارة وسط ورئاستها في المجلد، والبقارة غرب عند قبيلة البني هلبة، وحاضرتهم عد الغنم، التي أطلق عليها عد الفرسان، وتضم مجموعة قبائل البقارة، من رعاة البقر اولاد حميد، والحوازمة والبنى هلبه، وبنى حسين، والسلامات، والهبانية، والتعايشة، والرزيقات، المنقسمين مابين بقارة في الجنوب وابالة في الشمال، إضافة إلى المسيرية مقابل ابالة تشمل الشنابله ودار حامد والكبابيش والميدوب والرزيقات والزغاوة والعطوية، هؤلاء فرع من الكبابيش، ولاشان لهم بالعطاوة المشحون بحمولات سياسية زائدة، اما الغنمامه اشهرهم قبائل حمر والجليدات وبني جرار وبعض الشنابله اولاد ابوحويه وقليل من الجوامعه .
2️⃣
ينقسم المسيرية إلى فرعين رئيسين هما المسيرية الحمر وحاضرتهم التاريخية المجلد، والمسيرية الزرق وحاضرتهم لقاوة، وينقسم المسيرية الحمر إلى عجايره وفلايته، وينقسم العجايرة إلى اولاد كامل وفيارين، وأولاد عمران ومزاغنه، والكلابنه وأولاد حمدون، اما المسيرية الفلايته ينقسمون إلى متانين وأولاد سرور، وجبارات وسلامات، ويعتبر السلامات في كردفان بطن أو فرع من المسيرية، بينما في دارفور تعتبر السلامات قبيلة لوحدها، وتقطن منطقة أم دخن الحدودية مع دولة تشاد، والمسيرية الحمر يقطنون في الأجزاء الغربية والجنوبية من ولايه غرب كردفان، وتتماهي وتتمازج القبيلة مع الرزيقات غرباً، وحمر شمالاً، ودينكا نقوك والنوير جنوباً، أما المسيرية الزرق يقطنون محليات السنوط ولقاوة وكيلك و يجاورون الحوازمة شرقا، والنوبه والداجو جنوب شرق، وحمر والبديرية، وتتأثر القبائل بما حولها، وتتأثر فيمن يجاورها. والمسيرية الزرق هم عدت بطون كبيرة، مثل اولاد ام سليم والغزايا والدرع والعنينات وأولاد ام نعمان وأولاد هيبان، وإذا كانت قيادة المسيرية العليا قد انعقدت تاريخياً لأسرة الناظر بأبو نمر، فإن بطن أو فرع المسيرية الفلايته قد انعقدت قيادتهم تاريخياً للناظر سرير الحاج أجبر؟ وانعقدت قيادة المسيرية الزرق للناظر محمد دفع الله، ومن بعده عزالدين حميده جد الناظر الحالي الصادق الحريكة عزالدين. وتعتبر قبيلة المسيرية من القبائل المولعة بالجندية منذ قوات دفاع السودان، وهناك ثلاثة قبائل في السودان اشتهرت بحب الجندية اولهم النوبه وثانيهما البقارة على إطلاقهم والشايقية في الشمال. وقدمت قبيلة المسيرية عبر التاريخ رموزاً في الجندية وضباط عظام وضباط صف وجنوداً سطوروا أشرف المهن، ولن تنسى ذاكرة الشعب اللواء فضل حماد قائد الكلية الحربية، ونائب حاكم كردفان في عهد الفاتح بشارة، ولا أحد لايذكر الفريق مهدي بأبو نمر رئيس أركان الجيش في سنوات الديمقراطية الثالثة، الذي حينما اندلعت الحرب الحالية رفض مغادرة الخرطوم، حتى مات بالخرطوم، ودفن غريب الوجه بعيدا عن أهله وعشيرته وجنوده وضباطه، والفريق مهدي قصة تروي للأجيال لشجاعته وعفته وتاريخه ولسيرة الفريق مهدي سنكتب أن كان في العمر بقية. ولا تُذكر الهجانه الفرقة الخامسة، في الجيش الا قفز اسم ابن المسيرية الزرق اللواء حسين موسى الشهير بحسين جيش، واللقب وحده ينم عن عظمة سيده.
وهناك في حقل الجندية اللواء بندر ابوالبلولة والمجاهدين الأفذاذ الصادق مريده وعيسى عبد المولى وداؤد حرقاص والشمو وآلاف الرجال الأشداء. *وأنجبت قبيلة المسيرية في حاضرنا اليوم الثنائي العميد حسين جودات والعميد حسن درمود وكلاهما من فرسان معركة الكرامة، وهما مثل ثنائية حمد والديبة في فريق الهلال، ورغم أن حسن درمود في بابنوسة وحسين جودات في نيالا، وقد قاتل الأخير بشرف حتى سقطت نيالا، بينما يقود درمود الآن الآلاف من أبناء المسيرية في بابنوسة وقد استعصي على المليشيا مجرد الاقتراب من بابنوسة، العصية على التمرد.
3️⃣
نجح التمرد بقيادة حميدتي قبل اندلاع حرب منتصف أبريل قبل الماضي من الترتيب لحربه، باستمالة زعماء العشائر والطوائف، وحتى الآندية الرياضة والمال الذي ينساب منذ ذلك الحين وحتى اليوم نجح حميدتي في شراء ولاء عدد كبير من قادة الإدارة الأهلية، والحديث هنا عن قبيلة المسيرية فقد كان تركيز حميدتي وشقيقه عبدالرحيم على قيادة النظام الاهلي فاستهدف اولا الناظر مختار بأبو نمر ومن ثم نائبه إسماعيل حمدين الذي فقد البوصلة بعد أن ابتعد كثيرا عن شيخه حسن صباحي الذي تأثرت صحته في الشهور الأخيرة وفقد حيوية الحركة، مابين الخرطوم والدبب ولكن حسن صباحي رفض الخروج من السودان بعد الحرب رغم أن حميدتي فشل في شرائه كما فشل في شراء الأمير رمضان نور الصفا وفشل في شراء العمد والشيوخ واكتفى فقط بعبدالمنعم الشوين ناظر الفلايته ووكيله بشير عجيل القيادي في المؤتمر الوطني، وحفيت أقدام عبدالرحيم دقلو لاستمالة أحمد صالح صلوحه، فخرج عليه بموقفه الذي أقام الدنيا وشغل الناس ومن غرائب وعجايب السياسية في السودان أن أحمد صالح صلوحه، كان غريماً لدوداً لابن عمه عيسى بشرى، وكلاهما من بطن العجايرة وحركة إسلامية ومؤتمر وطني، ولكن بينهما ماصنع الحداد من الخلافات والصراعات ايام السلطة، والان بعد أن حلت بالوطن المصائب والمحنة، إلتقيا على مستوي المواقف ولم يبق لهما الا القول:
إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها
تذكرت القربى وفاضت دموعها
ومثلما فشل حميدتي والدعم السريع في كسب ود قيادات مجتمعية مثل فضل محمد عبيدالله والعمدة جماع، فقد فشل في استقطاب الدرديري محمد أحمد والبله جوده وعبدالله فضل الله ابوايمن ودكتور عبيد الله محمد عبيدالله، ورفض اللواء الخير ابومريدات وهو قائد استخبارات الدعم السريع أن يوجه بندقيته إلى صدر ضباطه وجنوده، وخرج من ميدان القتال بشرف، وكما فشل حميدتي في شراء أبوالقاسم قور حامد وشقيقه الأديب محمد قور حامد؟ ولم يدعم تمرد حميدتي ولا زعماء المسيرية عمر سليمان، ولا اللواء محمد جابر برام، ولا اللواء حسن حامد، ولا حتى أبوالقاسم بشير ابوديك، ولا الدكتور على جماع عبدالله المستشار المخلص لحميدتي، والسؤال من يقف مع الدعم السريع من المسيريه؟؟
الصورة العامة الزائفة تقول بغير حقيقة الواقع الماثل حيث يسند أغلبية المسيرية ظهر القوات المسلحة، والا ماصمدت الفرقة 22 كل هذا الصمود، ومن المعلوم بالضرورة أن أغلب بل تسعين في المائة من الجنود وضباط الصف من أبناء المسيرية الذين حفروا عميقا للملشيا ودفنونها تحت أشجار الغبيش، وقد اغرت المليشيا حسن درمود بأي ثمنٍ يريده، ولكن الفارس لايبيع شرف كاكيه، مثل مافعل احد ضباط الجيش في الدبيبات حينما باع جنوده وتركهم يلعبون الكشتينه والضمنه وغادر إلى الدلنج ليحصد (شريا) أرواح أربعة وخمسين جنديا في طيبه، وتم أسر البعض، وقذفهم العاهرات باحزيتهن، في مشهد لن يفارق مخيلتي حتى نغادر الفانية، ولكن درمود ظل صامداً يتوعد حسن برشم بالموت إن هو اقترب من بابنوسة مجرد اقتراب.
4️⃣
لم تصمد بابنوسة وحدها في وجه الجنجويد، ولكن صمدت قبيلة المسيرية، من خلال تواجدها في حقول النفط، في جنوب الفوله وفي بليلة وهجليح ودفرا والستيب وزرقا ام حديد، كل حقول البترول محمية بأبناء المسيرية، وفشل الجنجويد في الوصول إليها لتخريبها والقضاء على ثروة السودان القومية، فلماذا يدافع أبناء المسيرية عن بترول السودان؟؟ قد يقول البعض أن لهم مصالح شخصية باعتبارهم موظفين في حقول النفط ويتمتعون بخدمات اجتماعية، حينما كان البترول منساباً إلى مواني التصدير، ولكن حميدتي قدم الرشاوي المالية من أجل أن يخلي المسيرية الحقول، ويُسمح للملشيا دخول تلك الحقول للعبث بها؟ وتدميرها، وهي تملك القدرة الفائقة على التدمير، والعجز البين عن البناء والتعمير، ولكن أبناء المسيرية رفضوا المساومة في بترول السودان فماذا تفسر هذا الموقف الذي ينم عن إعلاء للقوميه فوق الجهوية والعنصرية وتمسك بالسودان الواحد.
وقد برأ الفريق البرهان نفسه المسيرية في لقاء شهير العام الماضي وقال ان المسيرية هم حاضنة الجيش، ولكن المليشيا كدابها في تغبيش وعي الناس تدعي ان هؤلاء السمر غر الجباه كباش الموت هم اتباعها، ولكن الحقيقة غير ذلك، وما اثرناه من أمثلة الا قليل من كثير سنعود إليه في مقبل الايام والليالي إن شاء الله