عمار العركي .. يكتب: دعوى السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية: الأبعاد والدلالات والتوقعات

وطن الإعلامية – الخميس 6-3-2025م:
▪️لاهاي، 6 مارس 2025 – في خطوة غير مسبوقة، رفع السودان دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد الإمارات العربية المتحدة، متهمًا إياها بخرق التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، عبر تقديم دعم مالي وعسكري وسياسي لمليشيا الدعم السريع، المتورطة في انتهاكات جسيمة في السودان، لا سيما في غرب دارفور ضد قبيلة المساليت.

▪️وجاء في الدعوى أن الإمارات “قدمت دعمًا مباشرًا وواسع النطاق للمليشيات المتمردة، مما أسهم في ارتكاب أعمال إبادة، قتل، اغتصاب، تهجير قسري، وتدمير للممتلكات”، وأن ذلك “يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”. كما طالب السودان المحكمة باتخاذ إجراءات احترازية عاجلة لوقف أي دعم إماراتي مستمر لهذه المليشيات المتمردة.

■ أبعاد الخطوة

▪️تُعد هذه الخطوة تطورًا فارقًا في مسار المواجهة ، حيث أنه ولأول مرة، يتخذ السودان مسارًا قانونيًا دوليًا مباشرًا ضد دولة خليجية بسبب دورها في الحرب، مما يعكس ذلك تغييرًا في استراتيجية السُودان ، التي انتقلت من التلميح إلى المواجهة العلنية عبر الأطر القانونية.

▪️هذه الدعوى تزيد من الضغوط الدولية على الإمارات، خاصة بعد تقارير عدة تحدثت عن دعمها لمليشيا الدعم السريع.، وقد تؤثر القضية على علاقات الإمارات مع الدول الغربية التي تحاول الحد من تأثير الحروب الإقليمية.
▪️الدعوى تؤسس لسوابق قانونية في تحميل الدول مسؤولية دعم المليشيات والجماعات المسلحة، ويمكن أن تصبح مرجعًا لحالات مماثلة في مناطق نزاع أخرى.

■ دلالات التوقيت والسياق الدولي

▪️تأتي هذه الدعوى في لحظة فارقة على المستويين السوداني والدولي: فبعد 24 شهر من الحرب مالت كفتها لصالح الجيش السوداني ، يبدو أن الحكومة السودانية تتجه إلى فتح جبهات قانونية ودبلوماسية بالتوازي مع المواجهة العسكرية المتقدمة للجيش، يُعزز هذا النهج موقف الحكومة في كسب الاعتراف الدولي بمظلوميتها في مواجهة التدخلات الخارجية.

▪️على الصعيد الدولي: يتزايد الضغط على الجهات الداعمة للحروب المسلحة، خصوصًا مع تنامي الدعوات لمحاسبة الدول المتورطة في التمويل والتسليح ، فبالتالي القضية قد تصبح ورقة مساومة في العلاقات والتوازنات الإستراتيجي الدولية ، خاصة بين القوى الكبرى والإمارات.

■ التوقعات والمسارات المحتملة

▪️على المستوى القانوني: إذا قبلت المحكمة اختصاصها ، فقد يؤدي ذلك إلى تحقيق دولي واسع حول دور الإمارات في دعم المليشيات، ويمكن أن تفرض المحكمة إجراءات احترازية تمنع الإمارات من تقديم أي دعم جديد للمليشيات

▪️على المستوى الدبلوماسي: ستسعى الإمارات إلى احتواء الأزمة عبر القنوات الدبلوماسية، وربما تضغط على دول أخرى لدعم موقفها، ولربما تتجه بعض الدول العربية والإفريقية إلى محاولة التوسط بين السودان والإمارات لمنع التصعيد.

▪️على المستوى السياسي والإعلامي: من المتوقع أن تتحول القضية إلى محور رئيسي في الخطاب السياسي السوداني، حيث ستستخدمها الحكومة لتأكيد موقفها بأن الحرب نتيجة تدخل خارجي واضح، وليس داخلي كما يروج ويُشاع.

▪️الإعلام الدولي سيسلط الضوء على الاتهامات، مما قد يفاقم الضغوط على الإمارات.

■ خلاصة القول ومنتهاه
▪️يمثل تحرك السودان نحو محكمة العدل الدولية تغييرًا في قواعد الاشتباك الدبلوماسي ، حيث انتقلت المعركة من ميادين القتال إلى أروقة المحاكم الدولية. هذا المسار، وإن كان شاقًا من الناحية القانونية، فإنه يمتلك فرصًا حقيقية في إدانة التدخلات الخارجية التي ساهمت في إطالة أمد الصراع السوداني.

▪️في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية والتوازنات الاستراتيجية في المنطقة ، يبقى السؤال : هل سيتمكن السودان ويمضي في تحويل هذا التحرك إلى مكسب دبلوماسي وسياسي طويل الأمد؟ أم سيكتفي بمكاسب وقتية وفق تسويات مادية.نتيجة لوساطات متوقعة من دول صديقة للسودان؟