وطن الإعلامية – الثلاثاء 27-5-2025م:
في اللحظات الفارقة من تاريخ الأوطان، لا يعود للرمادية مكان، إذ تُفرز الصفوف بين من يقفون بشرف في خندق الدفاع عن الوطن، ومن يختارون الاصطفاف مع خصومه، صمتًا أو تآمرًا أو تشويشًا. وفي خضم معركة السودان المصيرية ضد التمرد المسلح، يخرج علينا مبارك الفاضل المهدي، لا بحديث يوحّد الصفوف، بل بخطاب يطعن في ظهر الوطن، ويفتح أبواب التشكيك والتثبيط، متقمصًا دور “الخبير” حينًا، و”المنقذ” حينًا آخر، بينما رصيده مليء بالتقلّبات، والتناقضات، والتحالفات المثيرة للريبة.
*سياسي بلا مشروع.. يتقلب حيث تميل المصالح*
لم يعرف السودانيون مبارك الفاضل يومًا كصاحب مشروع وطني واضح، أو حامل لرؤية متماسكة تنهض بالدولة. بل كان دومًا شخصية انتهازية تتحرك حيث تلوح الفرص، وتتحالف مع من يوفّر مكاسب آنية، دون اعتبار لمبادئ أو ثوابت.
من انشقاقه عن حزب الأمة القومي، إلى تأسيس كيانات موسمية بلا جمهور، إلى التنقل بين العواصم الأجنبية سعيًا للتقرب من دوائر التأثير، ظل حضوره السياسي مرهونًا بالأزمات الانتقالية، لا خدمةً للوطن، بل بحثًا عن دور في المشهد ولو على حساب المصلحة العليا للدولة.
*من مصنع الشفاء إلى قوائم الإرهاب: صناعة الأكاذيب بأيدٍ سودانية*
من أكثر المحطات سوادًا في سجل مبارك الفاضل، تورطه في ترويج معلومات مضللة للإدارة الأمريكية ساهمت في قصف مصنع الشفاء للأدوية عام 1998، أحد رموز الوطنية والاكتفاء الذاتي. وقد جاء الهجوم استنادًا إلى أكذوبة صناعة أسلحة كيميائية، رواية شارك في بنائها من الداخل، ضمن ما يُعرف بـ”سياسة الكيد السياسي”.
ولم يتوقف عند ذلك، بل أشارت تقارير موثوقة إلى إسهامه في تضليل دوائر غربية بشأن تفجيرات نيروبي ودار السلام، ما ساعد في ترسيخ صورة السودان كدولة راعية للإرهاب، وهي الصورة التي عانى منها الشعب عقودًا طويلة، وخنقت اقتصاده وسمعته في المحافل الدولية.
*في مواجهة التمرد: صمت مخزٍ وعداء فجّ للمؤسسة الوطنية*
منذ أن أشعلت ميليشيا الدعم السريع الحرب على الدولة، وارتكبت المجازر والاغتصابات ونهبت البيوت كأنّ ما يجري لا يعنيه، أو كأنّ الضحايا لا يستحقون التضامن.
في المقابل، لم يتردد في مهاجمة القوات المسلحة وقيادتها، واتهامها بأنها أعادت السودان إلى العزلة، مرددًا مزاعم لا وجود لها “الوجود الإيراني” . تناسى أن السيادة ليست رهنًا برضا الغرب، بل إرادة شعب وقرار أمة.
*تشويش على المسار القانوني.. واصطفاف ضد الحقوق الوطنية*
بلغ به الانحياز ضد وطنه أن سخر من خطوة السودان لرفع دعوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، بعد تورطها في دعم التمرد. ووصفها بـ”القضية الخاسرة”، متجاهلًا أنها جاءت ردًا على انتهاك سيادة الدولة، لا انتصارًا لـ”النظام السابق” كما ادعى.
إن هذه اللغة التشويشية لا تخدم إلا المتآمرين، وتعكس رغبة مستترة في خنق أي جهد وطني لا يصب في صالحه الشخصي أو يمنحه دورًا محوريًا. وكأن الدفاع عن كرامة الدولة لا قيمة له إن لم يمر عبر بوابته.
دائم الغياب عن الميدان..
حاضر في كل مؤامرة
لم يُسجَّل لمبارك الفاضل أي مساهمة في المبادرات الوطنية الداعمة للقوات المسلحة، ولم يقدم رؤية بنّاءة لتجاوز الأزمة، بل ظل حضوره الإعلامي مقتصرًا على التشكيك، والتهوين، وزرع البلبلة. لم نره في خطوط الدفاع، ولا في جهود الإغاثة، ، بل رأيناه حيث يتقاطع الداخل مع أجندات الخارج.
لقد أسهم في تفتيت القوى السياسية، وتوهين الصف الوطني، عبر خطابه المتقلب ومواقفه المائعة، وإشاعة مناخ الانقسام، بينما كانت البلاد أحوج ما تكون لوحدة الكلمة وصلابة الموقف
*خاتمة: حين تخذل المواقف أصحابها*
إن مبارك الفاضل يمثل النموذج الأبشع للسياسي الذي استبدل الولاء للوطن بولاء للمصلحة، وساهم في تضليل الخارج وتشويش الداخل، وتفرّغ لانتقاد الجيش بدلًا من دعم صموده.
وفي زمن الحقيقة، لا تُقاس القامات بعدد التصريحات، بل بمواقفها حين تشتدّ الخطوب. وسيكتب التاريخ، بأحرف لا تزول، أن السودان حين خاض أعظم معاركه من أجل البقاء، تخلّى عنه بعض من كانوا أبناءه، لا لضعف أو خوف، بل لأنهم ببساطة اختاروا الاصطفاف مع الأجندات لا مع الأوطان .
قناة تلفزيون السودان (بث مباشر)
قناة الزرقاء (بث مباشر)







