وطن الإعلامية – الخميس 12-12-2024م:
منذ ظهور الإنسان علي وجه الأرض والحروب والنزاعات ترافقه ، بكل وحشيتها والامها وقسوتها ، ومع مرور الزمان وتطور البشرية تطورت الاسلحة وكثرة انواعها وزادت قوة دمارها.
في الماضي كانت الحروب تخضع لاعراف ونظم معينة توافقت عليها المجتمعات القديمة ، لكن مع تطور النزاعات وكثرتها وكثرة وتطور الاسلحة وانواعها وقوتها في الدمار والخراب ، لم تعد الاعراف كافية لكبح جماحها، فأتجه العالم نحو القوانين الدولية التي تحكم وتضبط النزاعات ، ورغم ذلك تعرضت الإنسانية لحربين عالميتين نتج عنهما انتهاكات جسيمة ، قتل وتعذيب وتخريب و معاملة لاانسانية، واحتجاز رهائن وقصف مدنيين واغتصاب ، مما جعل العالم يتجة نحو وضع قانون دولي يجرم هذة الجرائم ويوضح من المسؤول عنها ويقرر المسؤولية الجنائية في حق منتهكي القانون الدولي ويضع عقوبات لهم .
أسفرت الجهود الكثيرة لدول العالم منذ القرن التاسع عشر ثم القرن العشرين علي وضع معاهدة فرساي بباريس لعام 1919م ، لترتيب المسؤولية الجنائية علي الإمبراطور الألماني وكبار قادته عن جرائمهم في الحرب العالمية الاولي ، ودفع تعويضات هائلة عن خسائر الحلفاء في الحرب ، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية وما نجم عنها أيضا من خراب ودمار يحتم تحديد من المسؤول عنه ، لذلك جاءت المسؤولية الجنائية في القانون الدولي لتضع النقاط فوق الحروف وتحدد من الجاني الذي يستحق العقاب والمحاكمة .
عرفها القانون الدولي بأنها ” تحمل الشخص تبعة عمله المجرم قانونا ، ولارتكابه احدي الجرائم الدولية التي تهدد السلم والامن الدوليين ، وبذلك فهو يستحق العقاب باسم الجماعة الدولية “.
وفقا للمادة الثامنة فقرة 2 من نظام روما الأساسي، هذة المادة اوضحت خمسة عشرة عملا يشكل كل منها جريمة حرب متي ما ارتكبت في إطار نزاع مسلح غير ذي طابع دولي.
جاءت المسؤولية الجنائية الدولية نتيجة ممارسة فعلية علي ارض الواقع ،حيث عرف العالم اربع محاكم دولية جنائية مؤقتة في القرن العشرين هما محكمة نورنبيرغ ومحكمة طوكيو ،ثم محكمة يوغسلافيا السابقة ومحكمة رواندا ، كان لهم الأثر الكبير في ايضاح مفهوم الجريمة الدولية و الإعتراف بفكرة المسؤولية الجنائية الدولية سواء للدولة او الأفراد دون الاعتداد بصفتهم الرسمية او بحصانة رسمية بمعني لا يعتد بأي منصب مهما كان ، ولا يعد تنفيذ الأوامر من السلطات ظرفا يعتد به امام المحكمة او يخفف العقاب .
من اخطر الجرائم الدولية مجموعة الجرائم ضد الانسانية والتي ظهرت لأول مرة في كتاب نشر في عام 1890م حيث استخدم جورج واشنطن مصطلح جرائم ضد الإنسانية ليصف ممارسات ليوبولد الثاني في إدارة بلجيكا لدولة الكونغو ، ظهر مرة اخري في ديباجة معاهدة لاهاي الرابعة للعام 1907م ولوائحها التي كانت تهتم بتدوين القانون الدولي الانساني.
جريمة الابادة الجماعية
وهي جريمة قتل جماعي ممنهج موجة ضد المدنيين العزل ، وأن يكون الفعل الاجرامي في سياق نزاع مسلح يكمن من ورائه دوافع عرقية او اثنية كالذي فعلته المليشيا بقبيلة المساليت بالجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور من مذابح وقتل ممنهج ودفن للأحياء ، وقد اتهمت هيومن رايتس ووتش المليشيا بارتكاب جرائم تطهير عرقي وابادة جماعية بين أبريل ويونيو 2023 م ثم في نوفمبر من ذات العام مما ادي لفرار نحو نصف مليون شخص وموت مئات آلالاف من الأشخاص ، مما دعي المحكمة الجنائية الدولية في يوليو 2023م لإجراء تحقيق حول جرائم حرب تستهدف المدنيين في دارفور علي خلفية انتمائهم العرقي ، نفس المجازر نفذت في ود النورة وسط ولاية الجزيرة لسكان مدنيين وقتلت منهم مائة قتيل والالاف المصابين وكذلك استشهاد مئتي وستة عشرة مدنيا في مذبحة اخري للمليشيا بمدينة الهلالية بولاية الجزيرة و التي كانت تحاصرها اكثر من اسبوعين وقتلت مدنيين نتيجة للتسمم الغذائي ومنع الرعاية الطبية لمئات المدنيين من رجال ونساء واطفال .
بلغ عدد الشهداء في ولاية الجزيرة من المدنيين 1237 شهيدا خلال 21 يوما في مدن تمبول والهلالية وقري السريحة والعقدة ومناطق اخري مجاورة لها ، بالاضافة لتهجير لعدد كبير من القري بشرق ولاية الجزيرة ، مما يستوجب محاسبة المليشيا الإرهابيةوتصنيفها جماعة ارهابية !!!!!
جريمة الفصل العنصري اوالتمييز العنصري:
ترتكب في سياق نظام ممنهج قوامة اضطهاد ضد جماعة او جماعات عرقية والعمل علي ايذائهم او قتلهم او تعذيبهم او حرمانهم من الحقوق المدنية والسياسية او ابادتهم بطريقة مباشرة او غير مباشرة .
الفصل العنصري كمصطلح قانوني وكمفهوم تاريخي ظهر في تصنيف الامم المتحدة لجريمة الفصل العنصري بأنها جريمة ضد الانسانية ، ولخطورة هذة الجريمة اقرت الأمم المتحدة في ميثاقها علي مبدأ الكرامة والمساواة بين جميع البشر دون تمييز بسبب عرق او جنس او دين او لغة وأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة ،والبشر جميعا متساوون إمام القانون ولهم حق متساو في الحماية من اي تمييز ومن أي تحريض علي التمييز .
من اقوي اتفاقيات الأمم المتحدة اتفاقية القضاء علي جميع اشكال التمييز العنصري التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر 1965م بموجب القرار 2106 الذي اسس لهذة الاتفاقية وهي من اقدم اتفاقيات الامم المتحدة لحقوق الإنسان .
ماقامت به المليشيا الإرهابية بقصف متعمد لمعسكر زمزم للنازحين والهجوم المستمر علي مناطق بيريديك وانكا واوروي واستهداف سكانها المدنيين علي اساس عرقي واثني ، من اجل القضاء علي الاثنيات الأفريقية ، الا تعد هذة جريمة فصل عنصري واضحة المعالم تستوجب محاسبة المليشيا الإرهابية !!!!!!
جريمة التعذيب ضد المدنيين
نجد ان التعذيب هو أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا ، ولأنه يتجة مباشرة لجوهر كرامة الإنسان، حرصت الامم المتحدة عند وضع معايير لحقوق الإنسان علي الغاء العقوبات الجسدية والنفسية كان ذلك في العام 1949م ، و علي ذات المعني نصت المادة 7من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية للعام 1966م، بالإضافة الي اصدار الامم المتحدة إعلان طهران في العام 1968م الذي أكدت عبره ان جوهر حقوق الإنسان أن يتمتع كل إنسان باقصي درجة من الحرية والكرامة .
ثم جاءت بعد فترة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللا نسانية والعقوبات القاسية او المهينة بتاريخ 10ديسمبر 1984م ودخلت حيز التنفيذ في 26يونيو 1987م ،ثم دعمت الامم المتحدة هذة الاتفاقية بالبرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب الصادر بتاريخ 18ديسمبر 2002م ،بناء علي ذلك نجد ان القانون منع التعذيب في اوقات السلم اذن من باب اولي منعه في أثناء الحرب لاسيما اذا كان موجة ضد مدنيين لا يشاركون في اي عمليات حربية ، وقد نصت علي ذلك مادة 49 من اتفاقيات جنيف (الاتفاقية الاولي) علي اعتبار التعذيب او المعاملة اللاانسانية او التي تحدث الام شديدة او خطيرة تضر بالسلامة البدنية او الصحة العامة هو انتهاك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الدولي ، ايضا البروتوكول الاضافي الثاني لاتفاقيات جنيف الاربع ينص في مادة 4 علي ضرورة توفير حماية للافراد ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية من اية أعمال عنف او تعذيب او اي أفعال من شأنها ان تمس السلامة البدنية والعقلية.
المسؤولية الجنائية هنا تقع علي المليشيا الإرهابية التي مارست اشكال وانواع من التعذيب والمعاملة الاانسانية علي المدنيين رجال ونساء وكبار سن واطفال في كل مدن وقري السودان وهي موثقة من قبل المليشيا نفسها لا تحتاج لاثبات .
جريمة الاغتصاب
يقصد بها استعمال الاغتصاب كوسيلة لتحقيق سياسات معينة كاخضاع الطرف الآخر( العدو) واذلاله واذيته إيذاء بالغ ،او لاحداث تغيير عرقي معين ، لذلك يعامل كفعل يجرمه القانون الدولي لاسيما أثناء النزاع المسلح للضغط النفسي والهزيمة المعنوية علي السكان المدنيين.
ويعد الاغتصاب جريمة ضد الإنسانية في القانون الدولي اذا ارتكب ضد المدنيين ، ويعد جريمة حرب اذا ارتكب ضمن نزاع مسلح سواء كان دولي او غير دولي .
نص علي ذلك في اتفاقيات جنيف الاربع للعام1949م والبرتوكولين الاضافيبن للعام1977م ، بغرض حماية النساء والفتيات من جريمة الاغتصاب .
في عام 1993م اقرت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة بالوضع القانوني لجريمة الاغتصاب باعتبارها جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب ، وللمحكمة سلطة العقاب علي من يرتكب هذا الجرم أثناء النزاع .
جريمة الاختفاء القسري
هي جريمة تستهدف أبعاد مجموعة من الاشخاص واحتجازهم بعيد عن أهلهم دون أي معلومة تفيد بمكان احتجازهم او اسباب اعتقالهم او معرفة باي جريمة يحتجزون وكم مدة الاعتقال ودون اسباب قانونية ، ويستخدم الاختفاءالقسري كاستراتيحية لنشر الرعب والخوف وعدم الامان بين المدنيين .
لذا يعد الاختفاء القسري جريمة ضد الانسانية اذا تم علي نطاق واسع وبطريقة ممنهجة ، وللاختفاء القسري اتفاقية دولية معتمدة باسم الاتفاقية الدولية لحماية الاشخاص من الاختفاء القسري و اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 ديسمبر 2010م .
وقد نفذت المليشيا الإرهابية حجز الالاف من السودانيين في سجونها منذ بداية الحرب في ظل اوضاع إنسانية سيئة ، حيث لا طعام ولا علاج للمرضي ، ولا تعرف أسرهم عنهم شيئا وتتوزع سجونها في أماكن سيطرتها وتختطف الرجال والنساء والاطفال من منازلهم او من الشوارع او نقاط الارتكاز ، بما يشكل انتهاكا صارخا لكافة المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان .
لكن المليشيا الإرهابية لا تعرف قانون ولا عرف ولا دين ولا مبادئ ولا أخلاق ولا شي ، هم تتار هذا العصر .
كل ما سبق من جرائم دولية تقع المسؤولية الجنائية الدولية فيها عليهم ، فمتي يتحرك المجتمع الدولي لاتخاذ موقف حاسم تجاة هؤلاء المجرمين ، متي يستيقظ الضمير الانساني للعالم ليحاسب المليشيا المجرمة عن جرائمها.
اللهم انصر القوات المسلحة نصرا عزيزا يا الله سبحانك لا ناصر لنا الا انت.
نووووااااصل ،،،،
الخميس 12ديسمبر 2024 م