وطن الإعلامية – الأحد 5-1-2025م:
لا تستطيع المبادرة التركية أن تقفز على ستة حقائق محددة لأنها راسخة على الأرض. هذه الحقائق لا تفرض نفسها على المبادرة و أطرافها فحسب، بل حتى على البرهان نفسه، بحيث أنه لا يملك أي أحد حق تجاوزها.
الحقيقة الاولى هي أن الأمارت دولة معتدية، و خاسرة، و مدانة عالميا و مضغوطة أمريكيا، وهي التي طلبت من تركيا قيادة الوساطة. هذه الحقيقة ليس بالضرورة أن تُعلي من سقف المطالب السودانية، ولكنها حتما تستوجب أن تتحمل الأمارات المسؤولية العادلة و المنصفة للسودان و للضحايا و أن تتحمل نتائج أفعالها.
الحقيقة الثانية هي أن أهم المطلوبات من دولة الإمارات هو التوقف عن التدخل في الشأن الداخلي السوداني، ليس فقط توقفها عن دعم المليشيا في شتى المجالات، وانما المطلوب منها أكثر من ذلك بكثير ويشمل التوقف عن اختراقها السافر لكل الفضاء السوداني، عسكريا و مليشياويا، وحزبيا و مرتزقة و شبابيا و عملائا و التوقف عن اختراق الامن القومي عبر زراعة عملائها في أجهزة الدولة الحساسه والإستراتيجيه و جمع المعلومات الاستخباراتية واحتضان عملائها من الوزراء و رئيس الوزراء و الفنانين و الصحفيين وتوظيفهم. الالتزام بتوقف هذا العداء، غير قابل للمساومة ولا المقايضة وانما هو حق قانوني أن تكف دولة الأمارات أذائها عن السودان دون مكافئة و لا أي مقابل ولا أي حديث عن الاستمارات ولا عن الشركات ولا عن أي المصالح. التوقف عن الأذى واجب مفروض بالقانون الدولي وليس كرت ضغط للحصول على مكافئة.
الحقيقة الثالثة أن على أطراف المبادرة أن تعلم أن ردة فعل الشعب السوداني عن هذا الأذى الأماراتي، كانت أقوى ما يكون في جانب الوعي الشعبي بالتعدي الأماراتي و نتائجه. فاتخذ الشعب موقفا لا يملك أحد حق تجاوزه. إلمام الشعب بتفاصيل كل الإعتداءات الاماراتية، و بالفاتورة الباهظة التي دفعها بسببها، و بحقوقه القانونية التي إنتهكتها الامارات، و بالمطالب الطبيعية العادلة المترتبة على ذلك الاعتداء. هذا الموقف هو الذي وحد وجدان الشعب السوداني ووحد صفه و وحد بين العلمانيين والاسلاميين و الحزبيين و القبائل و كافة أطياف الشعب، و جعل مئات الالاف يتطوعون للدفاع ضد العدوان الأماراتي، وجعل عشرات الحركات المتمردة تتنازل طوعا عن كل مطالبها التاريخية وتندمج فورا مع الجيش بسلاحها و جنودها في كل جبهات القتال، و جعل كبار الرتب العليا في الجيش تحفر قبورها بايديها و يخرج بعضهم من المعتقلات ويتوجه مباشرة الى الخطوط الأمامية للقتال. و جعل كثير من الثوار يتندمون على ثورتهم و يحتقرون أكاذيبها و قادتها. لا تملك تركيا أن تتجاوز كل هذه الارادة والوحدة الوطنية، ولا يملك البرهان ولا الوفد المفاوض أن يضحي بوحدة الصف الوطني مقابل إرضاء الآخرين أو الرضوخ لأي ضغوطات خارجية.
الحقيقة الرابعة هي إرادة القتال اللا محدودة لدى القوات المسلحة قيادة و ضباطا وجنودا، ولدى المتطوعين و كافة أفراد الشعب. وقد قدموا في ذلك أروع البطولات و أشجع المواقف و حققوا أكبر الإنتصارات في الدندر و الرهد و سنجة و جبل موية و مخافظة أمدرمان و محافظة بحري و متحرك المقرن و متحرك الصحراء وقاعدة الزرق و صمود الأبيض و بابنوسة و متحركات شرق و غرب و جنوب الجزيرة. لا يستطيع أحد أن يقف أمام هذه الإرادة، و لا يملك حق تجاوزها و قد جرت محاولات عديدة سابقة لإطفاء هذه الجزوة الوطنية في المنامة وفي جنيف و في جدة، وفي نيروبي و كمبالا و الإيقاد والاتحاد الأفريقي و زيارات المبعوثين والاتصالات المعلنة و غير المعلنة. نربأ بالحكومة التركية أن تضيف مبادرتها لهذه القائمة من الفشل والخداع و الأجندة الخفية، و لابد لها من أن تأخذ الدروس والعبر لكي ينجح مسعاها.
الحقيقة الخامسة هي أن الموقف الوطني ظل ثابتا و راسخا و واضحاً على الدوام أن لاهدنه ولاتفاوض مع المعتدى الإرهابي إلا إذا استسلم ووضع السلاح، و أن لادور مطلقا لآل دقلو ولا للمليشيا بعد الحرب، و أن الخيار الوحيد أمامهم هو إما الاستسلام او الهزيمة والقتل و المحاكمة العادلة. وأن اقرب طريق الى السلام في السودان هو أن تكف الأمارات عن دعم المليشيا وعملائها.
الحقيقة السادسة هي أنه لا قيمة لعملاء الأمارات ولا مكانة لهم فقد ظل السودانيون يطاردونهم في كل مدن العالم. ابتداء بلندن اكبر الحلفاء الدوليين للإمارت و المساندين للتمرد، و جنيف و نيويورك و أومستردام وأنهم صاروا مطاردين و منبوذين شعبيا لدرجة أنهم لا يستطيعون إقامة أي منشط سياسي أو اجتماعي مفتوح، خوفا من الجمهور الذي ظل يطاردهم باستمرار. كما أن تصريحاتهم المصادمة للحس الوطني صارت مثار سخرية وتندر السودانيين.
• أخيرا على الحكومة التركية أن تراعي مكانتها الكبيرة في قلوب السودانيين، و التقدير و المحبة الكبيرة التي يكنها الى الرئيس أردوغان، ولن يتأتى لها ذلك إلا بمراعاة خطوطه الحمراء و نقاطه التي لايمكن تجاوزها او المساومة فيها أو التنازل عنها. عليها أن لا تندفع في تحقيق مصالحها مع دولة الأمارات على حساب الشعب السوداني و حاشاها أن تفعل ذلك. كما على الحكومة السودانية و وفدها المفاوض و الرئيس البرهان شخصيا، أن يمثلوا شعبهم خير تمثيل و يعبروا عن موقفه خير تعبير، و أن يسعوا الى تحقيق مطالبه و حفظ حقوقه بكل قوة و صلابة، فخلفهم شعبي قوي و صلب. كما ظلوا يعبرون عن ذلك دوما