وطن الإعلامية – الأحد 23-3-2025م:
الشهيد المقدم الركن ،حسن إبراهيم ،رجل من طراز مختلف ،هل هو إعلامي اجترع كؤوس العسكرية،أم إنه عسكري حسا حسوات مُرويات من الإعلام ..
هذا شاب متعدد المواهب ،إن تتأمل سلوكه الإداري تجده متمكن من صنعته،،يعرف كيف تسير الأمور على سلاسة وجدية .. أدار علاقة بطبيعتها معقدة بين الجيش والصحافة ،واجتاز بها حدودها القاطعة ،وشكوكها الرتيبة إلى تبادل تفرز فيه الألوان المهنية دون عناء ،وبإسلوب يرضي الطرفين ..
هو أحد قادة مركز الشهيد عثمان مكاوي التابع للإعلام والتوجيه المعنوي ،ولكنّه فيه الأهم حيث يمسك بالملفات العملياتية اللحظوية ،يبدي للصحفيين من الاحترام حتى يظن كل فرد منهم انه وِثاق من صداقة شخصية تربطه بهذا الضابط الإعلامي ..
يسعى إلى ان يكون جزءً من كل حل ،ويسراً عند كل عقبة..يعي ما يريده من الإعلام ،لكنه يقدم مطالبه في قالب يوسع خيارات الصحافة،لم يقدم دعوة بطلب تغطية وان كان يقصدها ،وإنما في قالب العرض،يتبع الدعوة بعبارات من قبيل إن كنتم ترغبون ،أو إن كان الأمر يعنيكم.
ملم بالقواعد والمعايير الأدائية للإعلام ،ولهذا حين يناقش تحترم وجهة نظره..ولا شك ان إمساكه بملف الإعلام ،وخاصة الخارجي ارتقى به إلى مصاف الخبير ..وقد وجدت هذه الخبرة تقديرها عند كبار قادة الأفرع والوحدات العسكرية حتى غدا امراً دارجا ً أنهم لا يبرمون أمراً يتعلق بالإعلام دون الرجوع اليه،جربت ذلك مع عدد من الألوية في وحدات مختلفة .
متعدد المواهب ،غير حذق الإعلام من موقع المسؤولية العسكرية فهو رجل واسع الثقافة..وشدّ ما لفت نظري قدراته الخطابية خاصة عند تقديم المناسبات التي تجمع بين العسكريين والإعلاميين،ليست خطابة أسلوب فقط بل هي مترعة بالأفكار ..
سألته ذات جلسة عن كيف اصبح خطيباً غني اللغة والأفكار ،،ممسك ببراعة بأدواته اللغوية المترعة بالمعاني وليست فقط غارقة في ضروب المحسنات البديعية والبلاغية ..قال كان كذلك أبي ،الشيخ والخطيب والمادح المحب للجناب المحمدي .
بين التاسعة والعاشرة من صباح الأمس تبادلت معه رسالتي واتساب الاولى تتعلق بترتيبات وتدابير وصول فريق الجزيرة إلى القصر الجمهوري ،وقد أجابني على هذه بأريحية مختومة بكلمته الاثيرة (أبشر ) وان رد على طلبي بأن نلتقي بالقصر ( والله ما أظن تلم في ) سبحان منزل الأقدار ..ورسالتي الثانية التي لم يتلقها ففيها سؤالي عن أثر هجوم المسيرة على القصر على احتمالية تأ جيل وصول الصحفيين إلى القصر ،وهي الرسالة الوحيدة في تاريخ علاقتنا التي لم يطلع عليها ولم يردها بأحسن منها .
أعتقد ان بفقده فقد الجيش قائدا ً كان يمكن أن يكون له شأن في مستقبل القوات المسلحة.
يوم الأمس حين اضطرمت واضطربت المشاعر ،واشتبكت بين الأفراح والأتراح ،فقدنا نفراً عزيزاً فإن صحب المقدم حسن زميله النقيب عماد ،فقد ودعنا بحزن وأسى عميقين الزملاء في تلفزيون السودان القومي ،الأعزاء فاروق الزاهر ،مدير البرامج ،وهو من العقول الكبيرة والتجارب المعتقة في صنعة التلفزيون ،والمصور مجدي عبد الرحمن ،والسائق وجيه جعفر .
رحمهم الله جميعا واتخذهم شهداء ، وجعل الفراديس العلا متقلبهم ومستقر ارواحهم .إنّا لله وإنّا اليه راجعون.