وطن الإعلامية – الجمعة 2-5-2025م:
انتهت معركة النهود بانتصار كبير لقواتنا المسلحة الباسلة، مدعومة بجحافل المستنفرين من أبناء الوطن الذين سطّروا ملاحم في الشجاعة والثبات. تكبّدت المليشيا خلالها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفرّ قادتها من أرض المعركة تاركين خلفهم جنودهم بين قتيل وجريح وأسير. لقد نصر الله الأبطال نصراً عزيزاً، ومُني العدو بهزيمة مُذلة كشفت هشاشته رغم ما حاول أن يُظهره من قوة.
لكن هذا النصر لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط عسكري محكم، يعتمد على استدراج العدو إلى فخ محكم، ومن ثم توجيه ضربات قاتلة بالطيران والمدفعية وقوات المشاة. المعركة لم تكن من أجل التقدم الأرضي فحسب، بل لكسر العمود الفقري للمليشيا في غرب كردفان، تمهيداً لسقوطها الكامل في دارفور.
الانسحاب التكتيكي: خطة استنزاف ساحقة
الانسحاب الذي نفذته القوات المسلحة في بدايات المعركة لم يكن تراجعاً، بل كان خطوة تكتيكية مدروسة لاستدراج العدو إلى مناطق القتل المُسبق تجهيزها. دخلت المليشيا النهود وهي تظن أنها حققت اختراقاً، لكنها وجدت نفسها في كماشة من الضربات الجوية، والكمائن البرية، والعمليات النوعية التي نفذها متحرك “الصياد”، مدعوماً بسلاح الجو والطائرات المسيّرة.
لقد تحولت النهود إلى مقبرة للمليشيا، حيث أُحرقت المدرعات، وضُربت خطوط الإمداد، وبدأت حالة من الانهيار وسط صفوفهم، أسفرت عن فرار قادتهم وترك الجنود لمصيرهم المحتوم. دخلوا متفاخرين، وخرجوا جثثاً وأسرى، فيما ارتفعت راية النصر فوق تراب المدينة العزيزة.
كشف العملاء: الطابور الخامس في واجهة الخيانة رغم النصر الميداني، كشفت معركة النهود جانباً آخر من المعركة، لا يقلّ خطورة عن القتال في الجبهات: معركة الداخل. فقد أخرج عدد كبير من العملاء والطابور الخامس أسوأ ما فيهم خلال الهجوم، فمارسوا الخيانة، والقتل، والنهب، وتصفيات طالت مواطنين أبرياء. لقد فضحت المعركة أولئك المتعاونين الذين ارتضوا أن يكونوا أداة في يد العدو، يوجههم لتدمير مجتمعهم وتمزيق نسيجه.
المرحلة القادمة تقتضي من الأجهزة الأمنية والمجتمعية الحزم في التعامل مع هذه العناصر، فالانتصار لا يكتمل إلا بتطهير الجبهة الداخلية، وتجفيف منابع الخيانة، وكشف المتسترين بثياب الوطنية وهم غارقون في وحل العمالة.
توازن استراتيجي: تخفيف الضغط عن الفاشر وإرباك العدو
لم تكن النهود مجرد مدينة دارت فيها معركة، بل كانت حلقة في خطة عسكرية أكبر تهدف إلى فك الحصار عن مدينة الفاشر، واستنزاف المليشيا في معارك مرهقة تُشتت تركيزها وتشغلها عن أهدافها الأصلية. نجح الجيش في سحب قوات العدو من دارفور إلى كردفان، حيث تلقّت هناك الضربات الموجعة، ما أدى إلى إضعاف وجودها في دارفور وتراجع سيطرتها على الأرض.
كل متحرك يحترق في النهود، وكل مجموعة تُستدرج إلى حتفها، تمثل انتصاراً للفاشر، ودعماً لصمودها البطولي. وهكذا، يحقق الجيش أكثر من هدف في آنٍ واحد: سحق المليشيا في الميدان، وتشتيت قوتها، وخلخلة تحالفاتها، وزعزعة ثقة عناصرها في قياداتهم.
الخاتمة: المعركة مستمرة… والنصر التام يقترب معركة النهود كانت بداية النهاية لمشروع التمرد في كردفان ودارفور. فقد تلقّت المليشيا ضربات موجعة، وكُشف العملاء، وتغيّرت معادلات القوة. ما جرى فيها أثبت أن الجيش السوداني لا يقاتل وحده، بل يملك حاضنة شعبية من المستنفرين، ووعياً وطنياً يدرك من هو العدو ومن هو الخائن.
المعارك القادمة ستكون أقسى على المليشيا، وأكثر حسماً في مسيرة تحرير الوطن. فلتطمئنوا… الوطن يسترد عافيته، والجيش يتقدم بثقة، والمليشيا إلى زوال. وما النهود إلا عنوان جديد في سجل الانتصارات المجيدة.